ميناء صغير في Yumurtalık من تصويري وتحريري

مرحباً بك يا صديقي ….

منذ ساعات قليلة .. تحديداً عند الساعة التاسعة والنصف تقريباً من صباح اليوم .. حصلت هزة بقوة لابأس بها .. قالوا أنها خمسة درجات على ريختر.

كنت جالساً وقتها أتناول الافطار وأستمع لحديث من أحاديث بلال فضل حول الغربة حين بدأت الثريا بالتراقص والدنيا حولي بالتمايل .. لم تستغرق سوى ثوان معدودة ولله الحمد ولكنها نجحت في جعلي أستعيد ذكريات العام الماضي بنجاح.

والواقع أن هذه الاستعادة كانت سهلة جداً ويبدو أن زلزال مرعش قد زرع في نفسي .. ومعي كثيرين .. فوبيا دائمة من الزلازل بحيث يكون مقدار الرعب أكبر بكثير مما تستحق اللحظة وبردود أفعال تنتمي للماضي القريب.

على إحدى المجموعات طرح أحدهم سؤال عن الأسباب التي نستطيع فعلها لكي نتجنب الزلزال .. كانت هناك إجابات متعددة أكثرها تكراراً أن نلجأ الى أماكن نشاطها الزلزالي قليل أو لنقل معدوم .. هذه المناطق موجودة بشكل متفرق حول العالم وبعضها غير صالح للسكن .. أما البقية فأنت بحاجة لأكياس من الدنانير الذهبية لكي تستطيع الذهاب الى هناك بطرق آمنة وإقامة هانئة .. غير ذلك ستضطر لتعريض نفسك لأخطار أكبر من خطر الزلازل بمراحل.

وحتى يأتي هذا اليوم السعيد ولعدم وجود حل ناجز لا يبقى لنا سوى التظاهر بأننا نعيش حياة طبيعية.

مرحباً بك مرة أخرى.

رحلة ليوم واحد

Yumurtalık beach

أصارحك القول بأنني أكره السفر .. والسبب كثرة التنقلات التي اضطررت لها من يوم انتقالي من حلب الى تركيا .. ولأن هناك أنواع عديدة للسفر بعضها مبهج حقاً فقد تباينت أسباب كرهي لكي تكون لكراهية التحضير له في حالات معينة وبخاصة عندما يكون السفر بداعي التنزه وشمّ الهواء.

لذلك أصبحت أموري جيدة عندما بدأنا طريقنا أنا والعائلة نحو منطقة ساحلية على البحر المتوسط تسمى Yumurtalık .. المنطقة عبارة عن شاطىء للسياحة الشعبية فيه حد معقول من الخدمات وطبعاً هناك خدمات إضافية لمن يريد الاستزادة كاستئجار البيوت والغرف في الفنادق أو الجلوس في المقاهي والمطاعم التي تطل على البحر مباشرة .. بلدة صغيرة قديمة تغالب ساكنيها من السكان الأصليين.

الطريق مليء بالجبال والهضاب الخضراء وطواحين الكهرباء .. الطريق كان مشوار لوحده.

Windmills on the road

البحر هناك مكون من شاطئ رملي ضيق ونظيف تتراصّ خلفه مقاهي يؤجر أصحابها طاولة ومكان للاستحمام وتغيير الثياب ودورات المياه مع كرسيين وشمسية على البحر بمبلغ صغير .. لا تنسى أنها سياحة شعبية .. اخترتنا أحدها ولم نضع الكثير من الوقت فقد وصلنا متأخرين قليلاً .. لذلك تناولنا الافطار وبعدها اتجهنا للسباحة.

البحر غير عميق في أماكن السباحة وقد وضعوا حبلاً طويلاً بكرات لكي يوضحوا للناس مساحة السباحة الآمنة .. الأرض رملية في الغالب مع وجود صخور قليلة ولكن عليك الحذر منها حتى لا تجرح قدمك.

الجو كان لطيفاً .. اقتربنا من الخريف .. والرطوبة في أدنى مستوياتها .. والبحر ليس مزدحماً .. وقت مثالي للسباحة حقاً .. بعد ساعات كان علينا الخروج من البحر والبحث عن طعام .. السباحة وسيلة فعّالة للشعور بالجوع :).

لملمنا أغراضنا ووضعناها في السيارة ثم ذهبنا للبحث عن طعام .. الواقع أن كلمة بحث غير دقيقة هنا لأن الشارع الرئيسي كان على مرمى حجر منا وهناك كانت المطاعم بالأكوام .. أخذنا ثلاث سندويشات سمك وواحدة تنتوني لابنتي الصغرى .. أسعار الطعام غالية كما في كل مكان بسبب التضخم .. لكن التضخم لا يساعد على نسيان الشعور بالجوع للأسف.

عُدنا عند المساء .. وكان بانتظارنا مطر كثيف انهمر طوال ساعة تقريبا من مشوار العودة وساهم في تأخرنا هو وبعض الاختناقات المرورية التي كانت على الطريق لأسباب مختلفة .. لذلك وصلنا عند الساعة العاشرة مساءاً.

برغم كرهي للسفر لكني وصلت الى قناعة بأن بعضه لا يضر بل وهام أيضاً .. أنت بحاجة الى الابتعاد عن أيامك الروتينية أحياناً لكي تزيل الصدأ عن روحك قليلاً.

وضعت بعض صور الرحلة في حسابي على فليكر.