مرحباً بك يا صديقي …
رمضان أتى وغادر مأسوفاً عليه .. رمضان الذي دأب على سرعة المغادرة خلال الأعوام الأخيرة بسرعة تزداد كل سنة .. أذكر أن اليوم كان يمضي ببطء شديد عندما كنت صغيراً ولا أدري هل يفقد الواحد منا حاسة الوقت مع تقدمه بالعمر !!؟
لكن الساعات الصعبة .. أبعدها الله عنا .. لا تمضي بسهولة بكل الأحوال .. لا أدري .. حقاً لا أدري.
رمضان الجميل الذي يملأ القلب والعقل والوقت بالبركة .. وغالباً ما تمضي الأشياء الجميلة بسرعة.
لكن عزائي أنني نجحت هذه المرة في استغلال الوقت بما يفيد ولم أشاهد أي مسلسل أو برنامج خلال أيامه .. العادات الغير مفيدة تأكل وقت العادات المفيدة .. هذا ما كان واضحاً بالنسبة لي بعد التجربة.
لم أعد بعد الى بيتي وما زلت في سيواس أنتظر إنتهاء الفصل الدراسي بعد أن نقلتُ ابنتاي الى مدارس في هذه المنطقة البعيدة عن الزلزال الى حد ما .. المدارس هناك في عنتاب ليست في حالة مستقرة وهناك التي تم إفراغها لتهدم ويُعاد بناءها مرة أخرى كما حصل مع مدرسة ابنتي الصغرى.
وأنا أرجو من الله أن أعود الى بيتي هذه المرة ولا يحصل معي كما حصل في حلب عندما غادرت بيتي ولم أعد له قط.
الذي أحبّه كثيرون
في الثاني من هذا الشهر كانت الذكرى الخامسة لرحيل دكتور أحمد خالد توفيق .. عادة تكون أيام الذكرى مفيدة لكي تُبعد نسيان أمر ما عن الذاكرة ..
ولكن ليست كل الأمور تحتمل النسيان خصوصاً تلك التي ارتبطت بحياتنا لفترات طويلة ممتدة وتكونت بعدها أجزاء كبيرة من شخصياتنا نفسها.
لذلك لم أكن قد نسيت ولا أعتقد .. والله أعلم .. أنني سأنسى.
شاهدت في ذلك اليوم حلقة من تلك الحلقات اليومية التي يقدمها الكاتب الجميل بلال فضل على قناته يحكي فيها عن تجربته مع دكتور أحمد وقد لفت نظري حديثه عن مجموعة مختلفة الشخصيات والملامح من أصدقاءه ومع ذلك كانوا متفقين جميعهم على أمر واحد وهو محبة أحمد خالد توفيق.
تذكرت وقتها ذكرى معينة حدثت خلال أحد أيام آواخر صيف سنة 2018 .. كنت وقتها مازلت مقيماً في بيت الضيافة وكان أحد زملاء العمل بانتظار أخيه الذي كان يحاول منذ فترة عبور الحدود السورية نحو تركيا وقد نجح أخيراً في العبور في ذلك الوقت ولما كان بيت ذلك الزميل صغيراً فقد استضفنا أخاه في بيت الضيافة لبضعة أيام سافر بعدها لاسطنبول.
كان هذا الأخ شيخاً من شيوخ المذهب الشافعي في دمشق .. كهل لطيف في الأربعينات من عمره لا يكف عن الابتسام .. تناولنا طعام الغذاء وجلسنا في الشرفة مع مجموعة من الزملاء والأصدقاء وبدأنا بتبادل الأحاديث.
واكتشفت بعدها أنه من المتابعين الشغوفين لما كتبه دكتور أحمد منذ زمن .. وبدأنا بالتكلم عن ذكرياتنا مع كتبه وماوراء الطبيعة وفانتازيا .. وقتها لم تكن قد مضت عدة أشهر على وفاته وأخذتنا الذكريات وبدأ الدمع بالتجمع في أعيننا ولاحظ ذلك أحد الجالسين فبدأ بمحاولات سريعة لتغيير الحديث في قوة وحسم.
ومن المؤكد أنه لا أنا ولا الشيخ الشافعي ولا أصدقاء بلال فضل نمتلك أي صفات مشتركة واضحة .. باستثناء محبتنا لأحمد خالد توفيق رحمه الله.
يعرُب وترميزه
بدأت أتعلم برمجة الفرونت إند منذ نهاية العام 2019 .. حصل لي وقتها أمر معين في العمل جعلني أفكر جدياً بضرورة وجود باب نجاة خلفي لكي أُسرع بالخروج منه في حال ساءت الأحوال أكثر … أما ما جرى لي وقتها فسوف أخبرك عنه في وقت لاحق إن شاء الله.
بدأت بعد ذلك بتعلم البرمجة بطريقة طبخ الأرز …
في البداية يُنقع الأرز بضعة ساعات في ماء فاتر لكي يلين .. وهذا ما حصل معي حيث كانت مبادىء برمجة الفرونت إند صعبة بالنسبة لي لذلك أخذت وقتاً لا بأس به حتى بدأت أستوعب مفاهيمها الأولية.
ثم تضع قدراً معيناً من الماء على النار مع بعض الملح والزبدة وتتركه ليغلي .. هنا كنت بدأت أستوعب لغتي البرمجة الهيكليتين HTML / CSS وبدأت بكتابة أكواد لصفحات أكثر تعقيداً.
بعد أن يغلي الماء تضع الرز على النار وتنتظر ليغلي مجدداً ثم تتركه على نار هادئة وتراقبه الى أن يجف الماء … هنا كنت بدأت في تعلم لغة جافاسكريبت وقضيت وقتاً لا بأس به وأنا أتعلمها حتى الآن لأن الوصول لدرجة الاحتراف في لغات البرمجة ليس بالأمر الهين.
بعد أن يجف ماء الأرز تطفأ الناء من تحته ثم تأتي بمنشفة وتغطي بها إناء الطبخ الذي يحوي الأرز وتتركها حتى يهدأ الأرز ويذهب عنه رعب حرارة النار التي نشّفت دمه إن جاز التعبير …. هنا كنت أستكمل معلومات جافاسكريبت الأساسية وبدأت أكوادها بالوجود المستمر في المشاريع التي كنت أتعلم من خلالها وفي موقعي الشخصي الذي صنعته وسيرتي الذاتية التي حولتها لموقع الكتروني لكي تكون تحت الطلب في أي وقت.
وإذا كنت لم تتعلم يا صديقي البرمجة من خلال كلامي السابق فيكفي أنك ولا بد قد تعلمت طريقة طبخ الأرز وهذا ألذ من البرمجة بالتأكيد 🙂
كان أهم مصدر اعتمدت عليه هو دروس قناة الزيرو التي يقدمها الأستاذ أسامة جزاه الله خيراً بعد أن قضيت فترة طويلة وأنا أتنقل حائراً بين الكورسات العربية منها والأجنبية.
بعدها عرفت أن هناك قناة أخرى حديثة الى حد ما تقدم كورسات بهذا المجال وهي أكاديمية ترميز، كنت وقتها قد انتهيت من كورس جافاسكريبت في قناة الزيرو وبدأت أبحث عن تدريبات ومشاريع في يودمي وفي يوتيوب والذي لفت نظري في أكاديمية ترميز وجود كورس جافاسكريبت متقدم فيها فبدأت بمشاهدته وأعجبني أسلوب صاحب القناة .. الأستاذ يعرب المصطفى .. في الشرح الذي كان يتحدث من خلاله بتكرار وإسهاب حول مفاهيم كثيرة بطريقة تجعلها واضحة وبأسلوب غير ممل وهكذا بدأت متابعة الكورس حتى وصلت للمشروع النهائي الذي بدأت بمشاهدته بعد الزلزال .. الواقع أن الأمر تطلب لنحو عشرين يوماً لأستعيد إتزاني وأخرج من صدمة تجربة الزلزال المروعة .. سأحكي لك كل شيء في تدوينة منفصلة قادمة.
كان المشروع النهائي دسماً وكان عليّ أن أقوم بالتطبيق المستمر لكل جزئية أشاهدها وقضيت خلالها وقتاً لا بأس به.
وبعد أن انتهى المشروع قمت بتغيير الواجهة الافتراضية له وأضفت بعض الميزات ليصبح كما هو موضح في الصورة التالية:
مازال بحاجة لبعض التعديلات والاضافات ولكن الشكل العام أصبح واضحاً والحمد لله.
الجميل أن يعرب .. مع حفظ الألقاب .. قد بدأ بتقديم كورس رياكت على يودمي بنفس أسلوب شرحه المتأني والواضح ..
وكورسات رياكت باللغة العربية .. لو تعلم .. قليلة ومحدودة المعلومات وهذا أول كورس .. على حد علمي .. متكامل ومتاح باللغة العربية وقد كان توقيته مناسباً تماماً لي.
ما زال للطريق بقية حتى يأتي ذلك اليوم الذي سأرفع فيه غطاء إناء الأرز لأضعه جانباً وأبدأ بالأكل .. والتوكل على الله وحده.
الزمن يطير سريعًا. راح الشباب يا صديقي.
ذكريات جميلة، رحم الله اﻷستاذ أحمد خالد توفيق.
شكرًا لك على هذه التدوينات.
العفو صديقي
نعم .. أسرع مما نتخيل .. الشباب المرتبط بالعمر يذهب لكن الشباب كحالة دائمة مفهوم نحاول الحفاظ عليه 🙂