مقدمة عن العناوين المبتذلة

كنت أريد كتابة عنوان على غرار تلك العناوين التي تبدأ بعشرة أشياء يجب أن تعرفها أو شيء من هذا القبيل لكن بعد أن قرأت تدوينة كتبها اﻷستاذ عبد المهيري وأرسلها لي على ماستودن ألغيت الفكرة تماماً ولا أخفيك أنني شعرت بذلك النوع من الرعب الذي يأتيك عندما تكتشف أنك فعلت أو ستفعل شيئاً ما سيء من دون أن تدري .. كأنك تفوهت بكلمة ما في لغتك لتكتشف بعدها أنها شتيمة ثقيلة في لغة ذلك اﻷجنبي الواقف أمامك ويتوهج بعدها خدك ويحمر خجلاً.

وأنا أرغب طبعاً بأن يقرأ ما أكتبه كل شخص ممكن ولكن من دون أن يتحول اﻷمر الى محاولة مبتذلة للفت الانتباه، لذلك يا عزيزي القارئ أقول لك ببساطة إن هذه تدوينة حول تلك اﻷشياء التي مارستها وتعلمتها أثناء جلوسي في المنزل في زمن وباء الكورونا وساهمت في تغييرات كبيرة في مجمل حياتي والحقيقة أنني أرغب بشدة في أن أشاركك تجربتي بهذا الصدد

لا داعي للانتظار أكثر .. أهلا وسهلاً بك 🙂

كانت أيام وباء كورونا ثقيلة الوطئة حقاً، العزل الاجتماعي والخوف من ذلك المرض المجهول الذي أودى بحياة الملايين .. المرض الذي لا يمزح ومعظم اﻷمراض كذلك لذلك كان الخوف دافعاً قوياً لكي يغلق كلّ منا باب بيته ويتباعد بأقصى مسافة ممكنة عن اﻵخرين.

الجلوس في البيت أمر مزعج حقاً لغالبية الناس خصوصاً أولئك الذين لا يهدئون ولا يكفّون طوال النهار على التنقّل من مكان الى آخر ﻷهداف مختلفة منها المفيد ومنها التافه، لذلك كانت فترة الحجر بالنسبة ﻷولئك كابوساً طويلاً عانوا منه من تلك أعراض الانسحاب الإدمانية لكونهم مجبرين على التواجد في مكان واحد طوال الوقت.

أما بالنسبة لي فكان الوضع مختلفاً لحد كبير ﻷنني لم أشعر بأي شعور سيء تجاه ما حدث سوى الخوف من العدوى .. مرة أصابتني أعراض أنفلونزا قوية فأصبت معها بالرعب وحسبت أنها كورونا وقضيت ليلة أكثر سواداً من الثقب الأسود نفسه قبل أن تنقضي تلك اﻷعراض وأتنفس الصعداء بصدر خال من الكورونا 🙂

ويبدو أن الجلوس الطويل أمام الحاسب وعادة القراءة التي اكتسبتها منذ الصغر قد ساهمتا في جعل الوضع يبدو محتملاً جداً بل وجميلاً بالنسبة لي خصوصاً أن العمل من المنزل قد جعلني أبتعد عن محيط العمل لفترة طويلة وهذا مكسب كبير بحد ذاته.

الشيء اﻵخر الذي لا يقل فائدة عما سبق هو أن الجلوس في المنزل قد وفر لي الكثير من الوقت الذي كان يضيع في الاستعداد للخروج من المنزل وفي المواصلات وذلك الوقت المهدور الذي كان يضيع في العلاقات الاجتماعية التي يفرضها عليك مجتمع العمل أو تلك العلاقات التي كنت تحسبها صداقات قبل أن يتبين لك أنها محض أوهام.

وأنا أزعم أنني استطعت استغلال هذا الوقت بأمور غيّرت تفاصيل عديدة من حياتي وأكسبتني عادات إيجابية وجدت لنفسها مكاناً بعد أن تخلصت من الكثير من الفوضى وإضاعت الوقت فيما لا ينفع.

وحتى لا يكون كلامي عاماً جداً سأسرد لك بعض ما أعدّه إنجازات استطعت تحقيقها .. بفضل الله .. خلال أيام الكورونا:

التغلب على إدمان المواقع الاجتماعية

قمت بتقليل دخولي الى تلك المواقع لحد كبير بعد أن كنت أقضي وقتاً كبيراً على تويتر وعلى يوتيوب، لم أتوقف عن استعمالها بشكل مطلق ولكني خصصت وقتاً معيناً لها وقمت .. وهذه خطوة ضرورية جداً .. بحذف تطبيقاتها من الهاتف وحصر استخدامها من على الحاسب فقط، ولم يكن هذا الانجاز سهلاً وتطلب مني عدة أشهر ﻷصل الى مستوى مُرضي وحتى أستطيع تحقيقه كان لا بد أن أمﻷ وقتي بأمور أخرى وهذا هو موضوع الانجاز التالي.

البداية الفعلية لتعلم مسار البرمجية اﻷمامية لصفحات الويب

قبل أن يبدأ وباء الكورونا بالانتشار بأشهر قليلة كنت قد قررت البدء بتعلم برمجة الويب وبالتحديد البرمجة اﻷمامية التي تهتم ببناء صفحات الويب بكافة تفاصيلها الشكلية والتفاعلية وكانت المشكلة بالنسبة لي هي وجود وقت كاف لذلك وهذا ما تحقق أثناء فترة العزل حيث قضيت وقتاً كبيراً في استكشاف مسارات التعليم المتوفرة على الشبكة حتى وجدت ما يلائمني، وأنشأت بعدها .. في بداية عام 2021 .. النسخة اﻷولى من موقعي الشخصي .

أنا مازلت في طور التعلم فهذا ليس اختصاصاً بسيطاً وأنا لست متفرغاً إضافة الى أن البرمجة هي ذلك النوع من العمل الذي يتطلب منك أن تتعلم التقنيات الجديدة طوال الوقت مهما كنت محترفاً.

وأنا أخطط للانتقال الى العمل في هذا المجال بوقت قريب إن شاء الله .. أدعو لي بالتوفيق 🙂

قراءة الثلاثية

ثلاثية نجيب محفوظ هي أحد كلاسيكيات اﻷدب العربي التي يجب على كل قارئ .. من وجهة نظري .. أن يقرأها وأنا قرأت العديد من روايات وقصص نجيب محفوظ القصيرة ولكني كنت أؤجل دائماً قراءة الثلاثية حتى قررت شرائها ووضعها جانباً حتى يأتي الوقت المناسب لها وكان هذا الوقت في مساءات العزل الشتوية حيث كنت أجلس في الصالة مع العائلة ثم أقضي بعض الوقت في قراءتها حتى فرغت منها خلال نحو شهرين.

قراءة ثلاثية نجيب محفوظ تعطيك متعة من نوع خاص من خلال اﻷحداث الطويلة الممتدة التي مرت بها عائلة أحمد عبد الجواد .. أحلام ورغبات ونهايات شخصياتها الثرية ونهايتها التي أعتقد أنها من أفضل نهايات الروايات التي قرأتها.

أفلام أبيض وأسود

وضعت قائمة للأفلام العربية التي تستحق المشاهدة .. أفلام اﻷبيض واﻷسود بالتحديد .. وبدأت بمشاهدة فيلم كل أسبوع، لم أستمر كثيراً في هذه العادة ولكنني شاهدت أفلام جيدة حقاً ومن الممكن وصفها بالعمق .. العمق الحقيقي .. من دون تردد كفيلم ” بين السماء واﻷرض” و “ميرامار“و”حياة أو موت

يوم كنا نمشي على الطريق

هذا عنوان مجموعة قصصية كتبتها عام 2020 أثناء فترة الحجر وهي التجربة الثانية لي بعد رواية “حكايا رحمي فؤاد“.

المجموعة مكونة من أربعة قصص مختلفة جرت أحداثها في زمن الكورونا : البحث عن كورونا .. البصّاقين .. يوم كنا نمشي على الطريق .. الشُرفات الخلفية.

فترة الحجر أعطتني ظروفاً ممتازة والجو المناسب لكتابة القصص وكانت مصدر إلهام لي للعديد من اﻷحداث التي جرت فيها.

كتبت العديد من القصص بعدها ولم أنشرها بعد بانتظار الفرصة المناسبة.

وكما تعلم لا أحد يصفُ بضاعته بالسوء 🙂 ولكني أستطيع القول أنها قصص جميلة وقصيرة ولا تخلو من عبرة لذلك أدعوك بأن تقرأها .. وكما قلت في مقدمة المجموعة هذه القصص تشبه الرغيف الملطخ بالسواد وهباب الفحم الذي يخرج من التنور .. لن يكون مستديراً جداً ولن يشبه تلك اﻷرغفة البيضاء التي تخرج من المخابز الفخمة ولكنه يبقى ذو طعم مميز عليك أن تجربه حتى تستطيع القول بأنك جربت كل شيء.

هذا رابط المجموعة للتحميل المباشر

في النهاية

هناك أحداث كبرى تضرب العالم باستمرار وتؤثر أحياناً على حياة جميع البشر خاصة إن كانت من نوع اﻷوبئة العالمية وقد تغيّر هذه اﻷحداث من أسلوب حياتنا ومن تفاصيل نشاطاتنا اليومية .. كما فعل وباء الكورونا .. هذا يحدث بدون إرادتنا ومن دون أن نستطيع التدخل في إيقافه.

وبرغم كل السلبيات واحتمالات الموت والخطر نستطيع أن نخرج بمكاسب من هذا كله لو قررنا ذلك .. ولا مكاسب من دون تعب.