الصورة من تخيّليّ بواسطة موقع DALL·E

كتبت منذ حوالي الاسبوعين عن تجربتي الثانية بالانتقال الى لينكس .. التجربة التي نجحت وأعتقد أن السبب اﻷهم لذلك هو استعمالي ويندوز في اﻷمور التي لم أجد لها بعد بدائل على لينكس كمحرر PDF مثلاً وبرنامج تحرير صور بسيط يمتلك أدوات تلقائية لضبط سطوع وألوان الصورة ولتحجيم الصور فقط، هكذا لم أصل لطريق مسدود ولم أجد نفسي مضطراً للرجوع الى ويندوز كما المرة السابقة.

الانتقال الى فيدورا كنظام حر ومفتوح المصدر قد تم والحمد لله، لكن بقي أمر هام آخر وهو الانتقال الى برامج وأدوات حرة ومفتوحة المصدر هي اﻷخرى، بدأت بذلك فعلاً مع بداية انتقالي لفيدورا واستبدلت مجموعة مايكروسوفت أوفيس بمجموعة Softmaker Office التي هي ليست مجانية لكن على اﻷقل تستطيع شراءها لمرة واحدة وبعدها تصبح ملكك وهي متاحة لخمسة أجهزة للاستعمال الشخصي.

تبقت هناك بالطبع مشكلات أخرى رئيسية كالبحث عن تطبيق كتابة ملاحظات آمن وملائم وعن خدمة استضافة ملفات آمنة هي اﻷخرى ومشفرة، الحقيقة أن الحل اﻵمن لهذه المشكلة هو اقتناء سيرفر محلي يحتوي على nextCloud ووضع ملفاتك فيه بحيث تبقى جانبك إن حدث شيء ما للشبكة وتوقفت بشكل مؤقت أو بلا رجعة، لكن هذا الخيار يحتاج الى تخطيط مادي والى وقت والى التأكد من أنك تعرف ما تفعله ﻷن الشركات التي تصنع هذه اﻷجهزة ستطلب منك بعض المعلومات من أجل ضبط إعدادات السيرفر ليكون جاهزاً للعمل عند وصوله وتشغيله، أو سيكون عليك تجميع جهاز .. لن يتطلب إمكانيات كبيرة .. والاعتماد على أحد الخبراء في هذا الموضوع لكي ينصّب البرمجيات اللازمة ويضبطه لك.

بالنسبة لي كنت أستعمل google Drive ثم انتقلت منذ سنوات الى one Drive ضمن خطة الابتعاد عن سطوة خدمات غوغل وعدم وضع البيض في سلة واحدة وبالطبع جميع السلال هنا متشابهة بمستوى السوء وسرقة البيض 🙂 .

والانتقال الى إحدى توزيعات لينكس .. كما تعلم .. سيجعلك تتوقف بطبيعة الحال عن استعمال كومة من اﻷدوات التابعة لتلك الخدمات وغيرها .. ولكن خدمة الملفات السحابية مهمة جداً فهناك الكثير من الملفات التي تحتاج الى الوصول إليها عبر أكثر من جهاز كالوصول الى الصور التي التقطتها عن طريق الهاتف والوصول الى الملفات بمختلف أنواعها عن طريق اللوحي والتنقل بين حاسب ويندوز وحاسب لينكس يستلزم أيضاً مكاناً موحداً أجد فيه جميع ملفاتي.

ما الحل إذن !!؟

بحثت قليلاً ووجدت تطبيق مزامنة one Drive مفتوح المصدر ونصبّته على فيدروا .. لم يكن ضمن المستودعات .. وبدأت باستعماله وبصراحة أثبت لي هذا التطبيق فشله بامتياز .. تصور أنه يتوقف عن المزامنة وعن العمل في أوقات عشوائية وضبطُته أكثر من مرة وقد حُذفت تفاصيل حسابي منه ﻷسباب غامضة ولم تعد تظهر الملفات .. هززت رأسي له بدهشة فهزّ لي رأسه بدون فهم !!!

هكذا قمت بإيقاف استعماله .. لم أجد بعد الوسيلة لحذفه .. ثم بدأت أبحث عن بديل حقيقي ومستقر.

وفي صباح البارحة خطر لي إحدى تلك الخواطر التي تدفعك للدخول الى إعدادات الاستضافة التي أستعملها من أجل المدونة وموقعي الشخصي Hostinger وتفحص الخدمات التي يتيح تنزيلها بضغطة زر وبعض الإعدادات البسيطة ووجدت ما توقعت.

لقد أصبحت الخدمة تتيح تنصيب nextCloud .. أسرعت وفعلت ذلك على أحد الدومينات التي اشتريتها لاستعملها في مشروع مؤجل وبعد دقائق أصبح nextCloud جاهزاً للاستعمال.

الجميل أنه يحتوي أيضاً أداة لكتابة الملاحظات بتطبيق مفتوح المصدر موجود على F-Droid .. هكذا شعرت بأن أحلامي كلها قد تحققت بضربة واحدة.

لكن وكما تعلمنا بالطرق الصعبة .. الذي يأتي بسهولة يذهب بسهولة أكثر .. حان الوقت لينهض ذلك العجوز المتمدد تحت أشعة الشمس ويلوك سيجارته التي يبقيها في زاوية فمه وهو يراقب ما أفعله بسخرية مع هزة رأس ساخرة مستمرة.

بعدها ضحك وقال لي بصوت مبحوح :

وعاد للضحك وهو يستلقي ويكمل نومه تحت أشعة الشمس في الوقت الذي استدرت وتأملت شاشة الحاسب التي امتلئت برسائل فشل رفع الملفات نحو nextCloud !!!

يبدو أن ذلك العجوز المستفز كان على حق .. أداء nextCloud كان سيئاً جداً ويبدو أن لا مفر من سيرفر مستقل محلي لو أردت استخدامه بشكل طبيعي.

في النهاية أبقيت عليه لاستعماله فقط في تدوين الملاحظات ﻷنني أريد فعلاً التخلص من إحدى خدمات غوغل التي أستعملها باستمرار خاصة أنني لم ولن أسجل مطلقاً الدخول الى حسابي في غوغل ضمن فيدورا.

لكن .. وللأمانة .. أعتقد أن استعمال nextCloud من أجل كتابة الملاحظات فقط يشبه أن تشتري عربة لكي تتأمل وجهك في المرآة الجانبية فقط من دون قيادتها 🙂 .

هكذا انتقلت لاستعمال تطبيق كتابة ملاحظات مفتوح المصدر، أريد القول هنا بأن هناك بدائل أخرى عثرت عليها أثناء البحث أهمها تطبيق turtle المشفر والذي وجدته رائعاً حقاً وكان يعمل على لينكس منت لكنه لم يعمل للأسف على فيدورا بسبب عدم وجود بعض المكتبات وقد يكون السبب الفعلي هو قلة خبرتي في التعامل مع لينكس ومشاكله .. هذه التطبيقات واعدة ولكن مشكلتها هي كونها لم تنضج بعد أو كونها مصنوعة من قبل أفراد لا تتوفر لديهم إمكانيات الدعم لكامل التوزيعات، بالنسبة لي أعتقد أن طلب أي تطبيق لمكتبات معينة هو نقطة ضعف كبيرة.

وبقيت مشكلة خدمة التخزين السحابي بدون حل .. هنا بدأت أفكر بطريقة مختلفة .. بما أن البحث عن بديل حر وآمن لم يعطي نتيجة فاﻷبحث عن خدمة تمتلك تطبيق مزامنة رسمي على فيدورا .. وبعد بضع دقائق كانت النتيجة هي dropbox .. وبما أن أخوك مكره لا بطل فقد اضطررت للاشتراك بها كحل مؤقت الى أن أعثر على خدمة متكاملة أستطيع الاعتماد عليها والثبات عندها.

مشكلة خدمات تخزين الملفات هذه هي أن خططها غير عملية بالمرة .. dropbox يقدم خطة بحجم 2 تيرا على اﻷقل للاستخدام الشخصي وهذا أمر عجيب .. من قال أن المستخدم سيحتاج لكل هذه المساحة بالضرورة !!؟ .. ولماذا ترغمه على دفع قيمة ما لن يستعمل معظمه !!؟ هذه عملية تجارية تشبه أن يرغمك البائع على شراء كميات زائدة عن حاجتك بحيث تضطر الى رمي الباقي في القمامة.

عموماً وبعد التجربة كان dropbox جيداً ولم يفعل كما فعل تطبيق مزامنة one drive لكن اﻷمر الذي يعيبه هو أنه غير مفتوح المصدر ومزامنته للملفات تتم بشكل صامت من دون وجود واجهة تطبيق أستطيع فيها مراقبة عمليات المزامنة والتحكم بها .. وكما حدث مع تطبيق كتابة الملاحظات تم حل مشكلة خدمة التخزين السحابي بشكل مؤقت وليس كما كنت أريد ولكنه .. بالنتيجة .. عملي وحقق لي الهدف الرئيسي من كل هذه التجارب وهذا البحث.

الجدير بالذكر أنني عثرت أثناء بحثي على خدمة internxt عن طريق قراءة مراجعة عنها وهي خدمة استضافة ملفات مشفرة تستعمل الاصدار الثالث من الويب وبعد أن جربتها اكتشفت .. كما قال كاتب المراجعة .. أنها غير ناضجة بعد ولا تقدم اصدار لتطبيقها خاص بفيدورا وتطبيق الهاتف بطيء وغير مستقر .. من يدري قد تكون في وقت ما قادم خياراً مناسباً.

في العموم وبعد تعب يوم كامل كانت النتيجة مرضية .. الانتقال نحو المصادر المفتوحة والتخلص من سطوة حيتان التقنية يتطلب الكثير من الوقت والصبر لكي يكتمل ولكنك في النهاية ستحصل على تجربة استخدام حرة ومستقرة خارج حدود معاملتك أنت ومعلوماتك على أنك سلعة لا أكثر .

تحديث :

قرأت التعليق الذي قام اﻷستاذ طريف بكتابته مشكوراً وقرأت التدوينة التي ذكر رابطها في رده بتمعن وقمت بتجربتها ووجدت أن هذا الحل .. المزامنة اللامركزية عن طريق الشبكة المحلية .. يناسبني أكثر من إقتناء سيرفر أو الاشتراك بالخدمات السحابية ﻷنني .. كما ذكر في تدوينته .. لا أحتاج ﻷي جهاز آخر غير جهازي للوصول الى ملفاتي إضافة الى أن وضع نسخة منها على الهاتف .. كما فعلت فعلاً .. ومن ثم وصل الهاتف بجهاز آمن سيتيح لي التعامل معها في أي وقت إضافة الى أني أحمل جهاز أي باد أينما ذهبت تقريباً وهناك طريقة لنقل الملفات من هاتف أندرويد الى اﻷي باد ستجدها في هذا الفيديو القصير .

أفترض أن هذه الطريقة أكثر أماناً ﻷنه لا دور ﻷي جهاز أو شبكة غير أجهزتي والشبكة المحلية ولن يتسبب توقف شبكة الانترنت في ضياع أي شيء.

هذا رابط يتيح تنزيل نسخة من تطبيق syncthing خاصة بفيدورا.

سأحاول أيضاً تطبيق ما ذكره في نفس التدوينة حول كتابة الملاحظات من خلال ملف نصي ومزامنته هو أيضاً بين أجهزتي .. سيحتاج هذا الى بعض الوقت والبحث.