شيء من حتى

شتالالا

انتقلتُ الى ماستودون منذ فترة، وماستودون لمن لا يعرفه منصة شبيهة بتويتر مع بعض الفروقات الجميلة مثل أنه لا يحوي على إعلانات أو اقتراحات متابعة وليس هناك جهة مُتحكمة به علاوة عن كونه لا مركزي وأي شخص يستطيع .. لو امتلك المعرفة .. أن ينصّبه على مزود خاص به وتدعو الناس للتسجيل ضمن هذه المساحة وتستطيع بالمقابل أن تتابع أي شخص ضمن أي مساحة موجودة، لتعرف أكثر عن ذلك تستطيع قراءة هذه التدوينة بقلم الأستاذ عبد الله المهيري.

لماذا انتقلت لهناك !؟

الواقع أنني مللتُ مما يحدث في تويتر من أمور جعلته يبتعد عن الهدف الذي وُجد له وصرت تشعُر أنه أصبح ساحة لتصفية الحسابات السياسية والدينية والاجتماعية ومكاناً للصراخ وتراشق التهم والشتائم لدرجة أن هذه الممارسات قد أصبحت هدفاً بحد ذاتها.

أعتقد أن الهدف من دخول تلك المنصات هو أن تمضي وقتاً إيجابياً في التفاعل مع الناس ورسم الضحكة على وجهك ووجههم وتقديم النصائح والمعلومات لمن يطلبها، لكن هذا لا يحدث في الغالب وبدلاً من ذلك ستخرجُ من هناك وأنت تشعر بمزيج من مشاعر سلبية غير مبررة، عداك عن ذلك الكمّ الهائل من الأخبار المحزِنة والمثيرة للغضب والمجمّعة في مكان واحد، هذه الطريقة في الجذب تستعملها الكثير من الحسابات التي تحظى بتفاعل كبير بحيث يقدمون إما المحتوى التافه أو المثير للجدل والغضب أو يقدمون لك معلومات وعبارات فقدت معناها مع كثرة نسخها ولصقها.

قرأت مرة تغريدة يسأل فيها شخص ما عن نوع الشاورما التي يفضلها متابعيه وانهالت بعدها أكوام من التعليقات التي جعلت الأمر يبدو وكأن حرب الشاورما العالمية قد بدأت وآخر ما كنتُ أتصوره أن يبدأ شجار في شبكة تواصل اجتماعية تكون الشاورما سببه، هذا نوع عبقري من أنواع فتح أبواب المشاكل.

زمان كان تويتر مكاناً يتجمع فيه المدونون وغيرهم لتبادل الأحاديث والكتابة عن حياتهم الشخصية، كان العدد قليل والجو هادىء وحدث بعدها أن بدأ المشاهير والسياسيون بالتواجد فيه وامتلأ المكان بعد ذلك بمتابعينهم وبدأت المكايدات والتراشقات الى أن أصبح الدخول إليه كالدخول الى مباراة كرة قدم لا همّ للجالسين على مدرجاتها سوى التشجيع والصياح.

هناك أيضاً من يتواجد فيه ليصبح مشهوراً، هناك وصفة سهلة لذلك يتبعها الكثيرون، تَكلم في الأمور التي عليها جدل كبير بطريقة تصطدم بها مع الناس، وعندما يبدأ الهجوم عليك تحول بسرعة الى وضع الضحية ذو العقل المستنير الذي يهاجمه عديمو الأفق، تكلم بأي كلام حتى إن كنت لا تفهمه ولا تلق بالاً لذلك فهناك الكثيرون ممن سيعتبرونه عميقاً وسيبدءون بتفسيره على هواهم وقد ينشأ من كلماتك اتجاه فكريّ ما عال الجودة، اتجاه لا يفهمه حتى أصحابه.

هذا يذكرني بمسرحية “الزعيم” لعادل امام تحديداً في ذلك المشهد الذي كان يمثل حفلاً دبلوماسياً يحضره عدد كبير من ممثلي الدول، حاول بعضهم التكلم مع منتحل شخصية الزعيم الذي لم يفهم شيئاً فحاول مجاراتهم ورمى بكلمة ليس لها أي معنى “شتالالا” .. هنا دب الخلاف بين الدبلوماسيين فابتعد الزعيم هارباً منهم … هذا يحدث كثيراً في تويتر وغيرها من منصات التواصل للأسف.

هناك .. في ماستودون .. أشعر بأني أُقيم في جزيرة هادئة قليلة السكان .. مكان يدعك تركّز في مهامك اليومية ولا يصيبك بتلك النوازع الإدمانية التي تدفعك لعدم مغادرته ليلاً نهاراً.

إضافة الى أنني بدأت استعمال هذه المنصة كما كنت أتمنى فِعله في تويتر وفشلت في ذلك وأقصد هنا الكتابة عن بعض ملامح حياتي اليومية، لا أزعم أنني وصلت لمرحلة الكمال ولكني أحاول على الأقل.

ما رأيك أن تنضم لنا ؟، المكان جميل وهادئ، فقط تعال خلسة ولا تأتي بأولئك الذين عاثوا فساداً في تويتر، عنيّ لا أعتقد أنهم سيأتون في وقت قريب، لأن الشبكات الاجتماعية التقليدية تحوي جميع الصراخ والعراك الذين يرغبون به فما حاجتهم لهذا المكان الهادئ !؟

سيمنحك ماستودون فرصة للبدء من جديد مع تطبيق الكثير من الدروس والعِبر التي تَعلمتها أثناء نشاطك في شبكات التواصل.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *