رابط الأجزاء السابقة

5 – في متجر الألعاب

في تلك الليلة كان يجلس على المقعد بجانب النافذة وهو يحدق في الخزانة من بعيد، الصندوق القابع في الطرف الأيسر تحت كومة من الملابس ..
كان يشعر تجاهه بالخوف والنفور، صحيح أنه لم يؤذه ولكن هذا لا يغير من حقيقة أنه صندوق خطير تسبب أمامه في موت شخصين.

ترى هل قام ذلك الشخص بدفنه في الحديقة لهذا السبب !؟

كم عدد من تسبب بموتهم قبل أن يصبح ملكه؟

شعر بالهدوء يتمدد في أرجاء المنزل فقام وأخرج جهاز الألعاب من الخزانة وبدأ اللعب .. الفارس يتجه نحو الوحش ولا يكف عن إلقاء الأشعة عليه ويتفادى ببراعة كرات اللهب التي تخرج من فم الوحش .. سقط الوحش ميتاً على الأرض وخرجت الأميرة من سجنها ورفع الفارس السيف وأخذ يلوح به وهو يضحك باستمرار.

نظر للشاشة في حماس مختلط بالدهشة .. لقد حاول إنهاء هذه اللعبة لمرات لا حصر لها وفشل في كل مرة .. الآن وبكل بساطة تمكن من ذلك وقتل الوحش الذي دوّخه بكرات اللهب التي تخرج من فمه ومراوغته لقذائف الفارس.

 لقد حدث العكس تماماً هذه المرة وهذا عجيب حقاً !؟

لكنه أنهاها بكل الأحوال وسيصدع رؤوس أصدقائه فخراً بكونه أول من فعل ذلك من بينهم .

أطفأ الجهاز وضوء الأباجورة وغرق في نوم عميق.

نظرت له والدته بعينين ثقيلتين وقالت :

كانت تقف أمام باب المنزل وتستعد لمغادرته.

صمت قليلاً ثم قال بخفوت:

انتظرها حتى غادرت المنزل ثم اتجه لغرفة نوم والديه حيث والده الذي كان يستعد هو الآخر للخروج .. وقال له بصوت ناعم :

نظرله والده ثم ابتسم بسخرية قائلاً :

صمت ثم أجاب بتسليم :

ضحك وهو يمسك حقيبته ويسرع نحو باب الخروج قائلاً :

وغادر المنزل وهو يحدث صوت خطوات متسارع على الدرج.

شعر بالغيظ وأخذ يتنفس بصوت مسموع، سيشتري أحمق ما شريط اللعبة قبله وسيختمها ويغيظه طوال السنة .. ما فائدة أن ينهي الجزء الأول إذا لم يتبعه بالثاني .. كان اليوم يوم إجازة فعاد لغرفته وهو يشعر بخيبة أمل .. جلس يتأمل جهاز الألعاب بذلك الشق الفارغ من الشريط ثم نظر نحو الخزانة والتمعت بذهنه فكرة جعلته يبتسم بخبث قائلاً :

تحسس الصندوق الذي وضعه في الحقيبة ثم نظر بتمعّن نحو المتجر التي اصطفت أجهزة الألعاب وأشرطتها على طول واجهته وازدحمت على الأرفف داخله … كان خالياً إلا من صاحبه الذي وقف وراء الطاولة منهمكاً في فعل شيء ما.

هل يدخل الآن !؟

عاد ليتفحص بأنظاره الشارع المزدحم بالناس ثم أسرع واتجه نحو المتجر .. نظر له البائع وابتسم قائلاً :

أكمل حديثه وهو يلتقط شريط الألعاب والتمثال من أحد الرفوف ويعود ليضعهما على الطاولة .. نظر لهما في انبهار وقال بسرعة :

مد يده وأخرج الصندوق ومد يده ليفتحه فنظر البائع له وقال ضاحكاً :

وكف عن الكلام فجأة وتثاقلت عيناه وانحنى رأسه قليلاً وهو يضحك الضحكة إياها .. أمسك الشريط والتمثال ووضعهما في الحقيبة بسرعة .. سمع حركة تأتي من مكان ما فأغلق الصندوق بسرعة فسقط البائع أرضاً .. لم يشعر إلا وهو يركض بين الناس وهو يلهث بانفعال.

المذياع يصدر صوت نغمات وهمهمات إيقاعية تختلط مع صوت إبريق الشاي الذي بدأ يهتز لحد الغليان .. كانوا قد فرغوا من طعامهم بينما أشعل والده سيجارة وأخذ نفساً عميقاً منها وقال بهدوء :

كان يستمع لما يقوله والده وهو يبتلع ريقه في خوف .. نظر له والده وقال :

وبدأ والده بحديث آخر … كان قد أنهى طعامه فاستئذن في الذهاب لغرفته وجلس هناك واجماً .. لم يكن يريد حقاً أن يؤذي صاحب متجر الألعاب الذي طالما اشترى له والداه الألعاب من متجره، ولكنه كان يريد تلك اللعبة وما من سبيل سوى هذا .. لكن هناك شيء ما غريب فيما حدث .. لم يمت صاحب المتجر كما حدث مع جده والأستاذ سمعان .. هذا خبر جميل ولكن لماذا ؟؟ .. ما الذي تغير هذه المرة ؟

وبدأ يسترجع بذاكرته عدة مرات ما حصل هناك.. انتبه بعدها أنه أغلق الصندوق بسرعة هذه المرة قبل أن يسقط على الأرض وليس بعد أن سقط.

هل هذا هو السبب يا ترى ؟؟

هل إغلاق الصندوق بسرعة سيتسبب ببعض الضرر وحسب وليس الموت!؟

السؤال الأهم .. هل سيحدث هذا دائماً ؟؟

هذا بحاجة لتجربة أخرى؟؟

يا لي من أحمق وهل أنا في تجربة علمية لكي أقوم بتجربة في كل حين وآخر !؟

الواقع أنني فعلاً في تجربة قد لا تكون علمية ولكنها مرعبة حقاً.

وما دامت النتيجة غالباً لن تفضي الى الموت فخيارات التجربة واسعة الآن حقاً.

هناك شخص معين أريد أن أجرب الصندوق عليه من كل قلبي ..

باسم الذي صدع والداي رأسي بكم هو ذكي ومجتهد وشاطر ..

لنرى إذن إن كان عقله الذكي سيصمد أمام الصندوق.

ضحك ضحكة شيطانية وهو ينظر باتجاه الخزانة.

6 – فقدان ذاكرة لا أكثر

صاح باسم بدهشة فأشار له بأن يخفض صوته وقال:

ابتسم باسم بغرور وقال :

ثم أخذ باسم يفرك كفيه وهو يقول بجذل :

ابتسم هو الآخر بخبث وقال :

وضع التمثال في حقيبته وتسلل خارج البيت .. كان أبواه يغطان في نوم مبكر فلم يجد مشكلة في الخروج من المنزل بسلاسة، لم ينس أن يأخذ مفتاح المنزل المعلق على الطرف الداخلي من باب الخروج، دخل من باب الحديقة الخلفي وأخذ يبحث بنظره عن باسم الذي رآه جالساً في مكان مزدحم فأشار له من بعيد وسار باتجاه مكان خال، أسرع باسم وتبعه وقال له وهو يجلس بجانبه :

هز باسم رأسه في انفعال وقال :

مد يده الى الحقيبة وأخرج الصندوق فنظر له باسم في خيبة أمل وقال :

كان قد فتح غطاء الصندوق فمال رأس باسم وبدء يضحك بصوت كالعواء فأغلق الصندوق بسرعة فمال باسم على كرسي الحديقة …  فلم ينتظر أكثر وركض مبتعداً عن المكان.

لم يأت باسم الى المدرسة في اليوم التالي .. كان هناك كلام كثير حول صحة باسم وما جرى له .. كلام كثير لم يصدق منه سوى ما تكلم به طالب تربطه مع باسم قرابة ما .. قال أنهم وجدوه مغمى عليه على أحد مقاعد الحديقة العامة .. تبين بعد الفحص أنه مصاب بفقدان الذاكرة ولا يتذكر أي شيء مما حدث له .. تقول والدته أنه خرج من المنزل بدعوى أن أحد أصدقائه سيريه لعبة ما نادرة الوجود .. سيغيب لفترة عن المدرسة ثم يعود حالما يتحسن.

لقد تخلص من صداع الرأس المسمى بباسم وذكاءه واجتهاده.

الأمور أصبحت واضحة الآن وأصبح يعرف تماماً كيف يستخدم الصندوق، لن يرتكب مزيد من الأخطاء وسيستعمله في الأماكن البعيدة عن منزله ، هو لا يضمن أن يراه شخص ما ويفتضح أمره، المدينة مليئة بالمتاجر بكل الأحوال.

ابتسم وهو يمسك الصندوق ويتحسسه في جذل.

يتبع …