انتهيت البارحة من قراءة رواية صغيرة اسمها ” نداء الوحش ” للكاتب جيم كالي، فكرة القصة وتصوراتها المبدئية كانت لكاتبة اسمها شيفون داود ولكن الموت قد أتى قبل أن تبدأ بها فعلياً فأكمل جيم كالي ما بدأته هي.
الرواية تنتمي لأدب اليافعين الذين هم أقرب للبلوغ منهم الى سنوات الطفولة، أحب أدب اليافعين على مختلف أنواعه ودائماً ما كنت أذهب إليه لأعود راضياً تماماً.
نداء الوحش تحكي عن طفل اسمه كورنر يعيش مع أمه المصابة بالسرطان في بيت تقف على مقربة منه شجرة طقسوس التي مرة يراها شجرة عادية ومرات تستحيل لوحش يزوره في الليل أو يراقبه في أوقات نادرة في النهار ولا يراه أحد سواه، الشجرة التي سعت له والتي تريد أن تقصّ عليه ثلاثة قصص على أن يقصّ هو عليها بعد ذلك القصة الرابعة.
كورنر وصديقته ليلى وثلاثة متنمرين وجدّته وأباه الذي لا يأتي من أمريكا إلا ليغادر بسرعة، وطبعاً وحشه الذي يترك مخلفات معينة في كل مرة يزوره بها، كورنر المستاء دوماً من قصص الوحش المخادعة ذات النهايات غير المتوقعة.
القصة مرهفة جداً وكتبت وترجمة بأسلوب متميز ذكرني برواية “كتاب المقبرة ” لنايل جايمان.
رواية من ذلك النوع ذو التفاصيل الجميلة المرهقة والأحاسيس التي تحتاجها جداً الأجيال الحالية التي حولتها الأجهزة الموصولة بشبكة الانترنت والمليئة بتطبيقات الشبكات الاجتماعية الى كائنات رخَوية المتجمدة الملامح.
رواية ستتفاجئ أنها انتهت بسرعة كقطعة حلوى امّتصها فمك بسرعة وخاصة مع ازدحامها بالصور التي تساعد خيالك على تخيل المواقف التي يمر بها أبطالها، الصور تقوّي الخيال والسينما تقضي عليه.
تكونت غصة في حلقي بعد أن فرغت منها، تلك الغصة الأليمة الحزينة على النهاية والمصائر، النهاية الجميلة لحد الحزن والذي يعني وجودها أنك ستغلق الرواية وأنت تشعر بأنك قرأت شيئاً متميزاً.
ولا بد أن أذكر هنا مترجم الرواية الى العربية هشام فهمي الذي أقرأ بلا تردد أي كتاب أجد اسمه مكتوباً عليه، هو مُترجم له أسلوب غاية في الروعة بحيث تعطي ترجماته نكهة قراءة متفردة كتلك المكسرات التي توضع على قوالب الحلوى.
لقد أراد جيم كالي من كل قلبه وبكل ما أوتي من براعة أدبية أن ينهي ما بدأته شيفون داود، وأعتقد أنه نجح بذلك.
لا توجد تعليقات