هذه صورة حقيقة وليست مصنوعة بالذكاء الصناعي .. كنت أسير في الصباح متجهاً نحو مكان العمل عندما لمحتها .. توقفت ونظرت نحوها بتساؤل قبل أن أرفع هاتفي والتقط الصورة.
حقيبة جديدة لامعة وضعها شخص ما بجانب صندوق القمامة ..
هذا مشهد غير تقليدي ..
من الذي سيرغب في التخلص من حقيبة خاصة عندما تكون بهذه الحالة الجيدة جداً.
يستعمل الناس عادة الحقائب في تنقلاتهم ويخزنون فيها أغراضهم عندما تبدأ في التلف ويضعونها داخل خزانة أو على سقيفة أو في مكان من تلك الأمكنة التي لا تمتد اليد إليها سوى لمرات محدودة خلال السنة أو خلال سنوات.
من يريد التخلص من حقيبة جديدة مصنوعة من الجلد ولا يبدو من مظهرها وحالتها أنها رخيصة الثمن !؟
خطر لي أن أقترب وأرى ما هنالك ولكني أحجمت وأكملت طريقي لأسباب عديدة أبسطها أن تفحص شيء من القمامة ليس شيئاً لطيفاً أو سلوكاً مجتمعياً محموداً .. برغم كل شيء هناك اعتبارات معينة عليك الأخذ بها في تصرفاتك خاصة في الأماكن العامة.
لكن .. أليس وضع حقيبة لامعة بجانب القمامة كافياً لإثارة الفضول والاقتراب والقاء نظرة لصيقة ؟
نعم للوهلة الأولى .. ولكن الاحتمالات السلبية أو لنقل السوداء أكثر بكثير من من تلك الايجابية .. الواقع أن الايجابية قليلة هنا بدرجة ملحوظة .. لنقل أنها معدومة لنرتاح.
ما الذي ستجده داخل حقيبة جلدية لامعة موضوعة بجانب صندوق القمامة ؟
أنت على موعد مع إجابات كثيرة بهذا الصدد .. إجابات أكثر مما يستكيع حملها مقال أو تدوينة.
قد تكون مليئة بمواد ممنوعة .. مخدرات أو ما شابه .. ولن أخبرك عن مصير من تمسك به الشرطة وهو يحمل قدراً بسيطاً منها فما بالك بحقيبة كاملة.
قد تكون مليئة بالنقود .. ولكن لم سيضع شخص ما نقوداً بجانب القمامة !؟ .. هناك أسباب كثيرة وأغلبها مترعة بالسين والجيم .. عملية تبادل ممنوعة .. نقود مزورة وهارب من الشرطة تخلص من الدليل قبل أن يقبض عليه.
قد تكون مليئة بالمتفجرات .. حقيبة تنتظر من يفتحها لتنفجر وتنفذ عملية قتل عشوائية .. هذا مشهد مغري مضمون والمسألة مسألة وقت.
قد تحوي أشلاء من جثة .. القتلة المجانين متواجدون دائماً ولهم طرقهم في تنظيف مسرح الجريمة .. هكذا ستجد نفسك ضمن تحقيقات ستغير لك مجرى يومك على أقل تقدير.
قد تحوي وثائق قليلة الأهمية أو مهمة أو بالغة الأهمية .. وثائق شخصية أو وثائق عامة .. ولن تجلب السعادة لمن يقرأها .. الحقيقة لا تجلب السعادة .. صحيح أنها قد تمنع المزيد من الكوارث .. ولكن .. حتى يحدث ذلك .. ستكون كوارث أخرى قد حدثت ومضت.
قد يكون وجود الحقيبة في هذا الوضع الغريب المريب نتيجة للتخلص من ذكريات حزينة ما .. رأيت لأكثر من مرة خلال السنوات السابقة صوراً لحفلات زفاف يظهر فيها أزواج وأشخاص سعداء مرمية في القمامة بطريقة واضحة للغادي والرائح .. هذا دليل قوي على أن السعادة لم تبقى سوى على الورق وصار الورق شاهد زور تم التخلص منه.
أغراض شخص لم يعد هناك رغبة في تذكر أي شيء منه مهما كان ثميناً وقابلاً للبيع .. البيع له آثاره .. البيع ينتج نقوداً وهو ما لاترغب بحدوثه إرادة الاستغناء الطاغية.
لا شيء سعيد سيأتيك من حقيبة موضوعة بجانب القمامة .. قد يحدث ذلك مع أولئك الطوافين على صناديق القمامة الباحثين على شيء يؤكل أو يباع .. لو تغافلنا عن الاحتمالات السوداء.
في زمن الارهاب الحقائب صارت مخيفة. لو كنت مكانك لبلغت عنها الشرطة، وربما من الأفضل أن تتظاهر أنك لا تراها.
فكرة ابلاغ الشرطة جيدة ولم تخطر لي وقتها لأني بدأت التفكير بالأمر بعد ذلك أثناء سيري المتعجل .. في العموم لم يحدث شيء والحمد لله .. قد يكون هناك من فعل أو أن القضية بعيدة عن هذا الاحتمال
تبدو في حالة ممتازة ، أظن الذي تركها هناك وضعها هكذا لعل أحدهم يستفيد منها ، في اليوتيوب في ألمانيا هناك ممرض مصري ينشر يومياته صور كيف يضع الناس الأشياء التي مازالت تصلح في مكان مخصص لمن يريد الإستفادة منها ، كذلك سوق السيارات الذي أذهب إليه كل أحد فيه تجار يجلبون منها من إيطاليا وفرنسا ، لدي فيديوهات توثيقية ، أنا مازلت لا أمتلك الشجاعة الكافية لأخذ شيء ملقى فقط الأوراق النقدية وداىما أصورها…
ربما يكون الأمر كذلك مع أن العادة هنا أن تعطى هكذا أشياء بشكل مباشر بين الناس .. ثقافة مشاركة الأشياء جميلة وتمنع هدر الأموال.
أنا أيضا أخاف أخذ شيئاً ملقى من دون معرفة مصدره .. أخاف أن يكون ملوثاً