الصورة من كتابتي بواسطة Firefly

مرحباً بك يا صديقي …

البرد قارص اليوم ومن المتوقع والله أعلم أن تهطل كميات ما من الثلوج خلال الأيام القادمة .. خلال السنتين الماضيتين كان الثلج يهطل باستمرار ولأسابيع بحيث تتراكم الثلوج وتصبح حركتك محدودة .. هذا أمر لم يكن يحدث في السابق في المدينة التي أقطن فيها.

وأنا أحاول تنظيم وقتي وعاداتي اليومية بعد أن طرأت عدة تغييرات أصابت ما اعتدت عليه في السابق ببعض الخلل .. هناك أمور أنوي الانتهاء منها خلال السنة الحالية بعد أن شبعت تسويفاً .. الانتهاء من عمل أو هدف ما أمر لا يقل أهمية من البدء به حتى لا يكون وقتك عبارة عن دوامة لا تنتهي حول أمر واحد فقط.

ذكريات كثيرة تعود الى ذهني .. ذكريات قديمة حسبت أنها منسية واكتشفت أنها كانت في مكان ما في عقلي تنتظر الوقت المناسب لتطفو من جديد .. تأتي ويأتي معها ملامح بصرية وشميّة ومشاعر تتماشى معها.

لماذا يحدث هذا معي الآن وليس في وقت سابق آخر !؟ .. يبدو أنها مفاعيل الغربة والتقدم في العمر .. العمر الأشبه بدائرة تتبدل ملامحها من الطفولة الى الشباب الى منتصف العمر الى الكهولة .. ولأنها دائرة فأنت تقترب من ذكريات البدايات كلما اقتربت من نهايتها.

مرحباً بك مرة أخرى ….

فن ارتكاب الأعذار

قرأت البارحة كلام الرئيس التونسي بأنه لن يؤيد الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني لأن ذلك سيُعتبر اعترافاً ضمنياً به !!

ذكرني هذا الكلام بحادثة حكاها لي أحد الأصدقاء .. كان هذا الصديق يعمل في إحدى الشركات وكان مديره شخص فاسد إدارياً وأستاذ عتيد في فنون تعذيب الموظفين التابعين له باغراقهم في العمل بمبرر وغير مبرر ومنع الدورات التطويرية أو أي نوع من المزايا عنهم.

كان ذلك المدير قد استولى على منصبه من مديره السابق وصار مديره هذا بعد ذلك موظفاً عنده لذلك كان مفهوماً هوسه الدائم في محاصرة الموظفين والتأكد من كامل سيطرته عليهم .. كان خائفاً أن يُفعل به ما فعله بغيره.

وكان المدير السابق يصدع رؤوسهم دائماً بمظلوميته وبأن المدير الحالي قد غدر به بعد أن دعمه وساعده طويلاً على طول الخط.

وكما تعلم هناك في لحظة ما نقطة لا عودة لا يستطيع بعدها أي شخص تحمل ظروفه القاسية مهما كانت درجة صبره عالية .. وكانت هذه النقطة عند صاحبنا هي درجات التقييم السنوي المتدنية جداً والتي وضعها لجميع الموظفين عدا موظف واحد كان يريد زيادة راتبه.

وتصادف أن الادارة العليا كانت قد أرسلت مستشاراً لدراسة هيكلية الشركة وتلقي الشكاوي من الموظفين فأراد صديقي أن يقنع بقية الموظفين بكتابة شكوى وتوقيعها من الجميع واعطاءها للمستشار ووافق أغلب الموظفين وقاموا بتوقيع الشكوى وعندما أتى دور توقيع المدير السابق قال بعصبية بأنه لن يوقع الورقة .. دهش صديقي وسأله:

رد المدير السابق بتلعثم وعصبية :

ابتعد صديقي عنه وهو يهز رأسه بتعجب .. أُعطيت الشكوى بعد ذلك للمستشار الذي أخذها ووضعها بجيبه.

وطار المدير من منصبه بعد سنة تقريباً .. الواقع أن الشكوى لم تكن هي السبب في ذلك .. كانت هناك أسباب أخرى.

ومنذ عدة أشهر وأثناء اجتماعي مع هذا الصديق ذكرته بما رواه لي وأخذنا ..متعجبين .. نتناقش في رد المدير السابق ونضع لأسبابه عدة افتراضات .. وكان الافتراض الوحيد الذي دفعنا لهز رؤوسنا في رضا أنه ببساطة جبان وخائف لا أكثر ولا أقل.

أريد هذا الكتاب

كان لدي وعي منذ سنوات العشرينات حول حقوق الملكية والتأليف وأفهم تماماً أن الكتب والبرامج والألعاب والأفلام هي منتجات موجودة بهدف الربح في النهاية وأن قرصنتها أمر أشبه بدخول متجر وسرقة ما فيه من بضائع .. الفارق هنا أنك غير مضطر لارتداء جورب نسائي شفاف على وجهك وحمل سلاح ما .. فقط عليك أن تمتلك حاسباً وسواقة ليزرية أو فلاشة .. وصول للانترنت فيما بعد .. وستستطيع ملأ قرصك الثابت بالمئات منها.

وأنا كانسان شاء القدر أن يكون سورياً كنت مضطراً لأن أخوض في هذا لأني لم أكن أملك خياراً آخر فلست أملك قوة شرائية أستطيع من خلالها شراء ما أرغبه .. النقود تفتح لك أغلب الأبواب المغلقة .. ولم يكن متاح لي أن أشتري أساساً بسبب العقوبات البنكية وغيرها لأن هناك خرافة تقول أن سوريا هي دولة مواجهة للعدو الصهيوني.

الآن تغيرت الأحوال ولم أعد أقيم في سوريا وبسبب التطور التقني أصبح أمر شراء الخدمات المادية والالكترونية أسهل بمراحل بحيث صار يتم عن طريق الهواتف.

طبعاً لم تكن هذه نهاية مُحكمة وسعيدة .. هناك أمور أخرى استدعت وجود جزء آخر لهذا الفيلم الطويل .. ففي حالات كثيرة كنت أكتشف أن الكتاب الذي أرغب بقراءته غير متوفر إلا بهيئة نسخة مقرصنة من الانترنت .. تصور !! .. وعندما تحاول أن تشتري نسخة شرعية منه ستكتشف .. مرة أخرى .. أنه لا يباع في الدولة التي تستقر فيها باعتبارها غير عربية وأن تكاليف الشحن ستجعلك تدفع صرّة من النقود لكي تستطيع الحصول عليه.

وأنا يا صديقي لست بقرة حلّابة والنقود لا تقطر من رأسي ولدي التزامات أخرى وليست من مسؤوليتي أن دور النشر لا تقوم بدورها في ايصال الكتاب العربي بسعر معقول لقراءه الذين انتشروا .. لأسباب لا تخفى على أحد .. في أقطار الأرض .. المكتبات العربية التي قد تتواجد حولك لا تحوي ما تريده وأغلب كتبها هي كتب ترندات سيصيبك القرف بمجرد النظر الى غلافها.

شيء آخر عجيب .. وهو ذلك الكتاب الذي تتحول عنده جميع مواقع تحميل الكتب الى شيئ أشبه بدار فتوى دينية وهم يخبرونك أنهم لم يضعوا رابطاً لتحميله حفاظاً على حقوق الكاتب أو الناشر .. هم فقط وضعوا اسمه وصورته فقط لكي تأتي الى مواقعهم زيارات من الأشخاص الباحثين عنه .. لاحظ الطهر والأخلاق العالية !!.

طيب هذا جميل … تحاول البحث عن الكتاب في كل أصقاع الأرض لتكتشف عدم وجود أي نسخة مطبوعة أو الكترونية منه .. أي أن القاعدة هنا هي أننا لن نسمح لك بامتلاك أي نسخة منه سواء كانت مقرصنة أم شرعية .. الكتاب أصبح في ذمة التاريخ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

هذا كل مالديّ الآن.

الأوقات السعيدة عادة ما تنتهي بسرعة.

سعدت بلقاءك اليوم وأنتظر زياراتك دائماً.

الى لقاء آخر.