مرحبا بك يا صديقي
شهور مضت على زلزال شباط الذي ضرب مساحة واسعة من تركيا ومن ضمنها المدينة التي أستقر فيها .. كتبت هنا وهنا عن ما حدث معي خلال الأيام التي تلته.
شهور مضت وبدأت الحياة تعود لشكلها الطبيعي .. لا تنسى أن الشكل الطبيعي الأصلي للحياة هو التغيير والاستقرار الذي نشعر به هو مجرد شعور مؤقت يُغطي وقتاً قصير قبل أن يحدث شيء ما يغير إيقاع الحياة لنعتاد بعدها على شكلها الجديد ونشعر باستقرار مؤقت وهكذا دواليك.
الحياة تعود لطبيعتها ولكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للكثير من الأبنية التي تضررت بفعل الزلزال .. هناك أبنية انهارت بالكامل وهناك من تصدعت وبقية واقفة .. هناك الكثير منها خصوصاً في تلك الأحياء الراقية القديمة التي أمر عليها أثناء ذهابي وعودتي من العمل أو لو كان عندي مشوار يستدعي ذلك.
مبان عريقة أصيبت بشيخوخة لم تُذهب جمالها وبقية مع ذلك غالية ومطمعاً للساكنين ولكن الزلزال كان قاسياً عليها فأتى وأنهى حكايتها وتركها قابعة في مكانها في صمت وقد خلت من ساكنيها.
سنوات طويلة وذكريات وأعمار كاملة انتهت في ثواني .. لا يختلف موت المباني عن موت البشر ..
سيجد سكانها مكاناً آخر يسكنون به فهم .. بأغلبيتهم .. من الطبقة الغنية، قد يعودون في يوم ما ليسكنوا في المباني الجديدة التي ستبنى على أنقاض تلك القديمة .. ليست خسارة مادية كبيرة بالنسبة لهم مثلما حدث مع سكان المناطق الفقيرة .. ولكنها خسارة لأمكنة شكّلت ذكريات لكثير من الساكنين والمارة وخسارة لهوية المكان أيضاً.
عندما مر من أمامي .. سيد مكاوي
يقولون في المثل الشعبي : يخلق من الشبه أربعين …
وبغض النظر عن دقة العدد فالتشابه في الملامح بين البشر أمر نلاحظه باستمرار ولكل منا حكاياته العديدة بهذا الخصوص.
زمان في أول شركة عملت فيها كان هناك موظف يشبهني لدرجة أن لا أحد يستطيع التمييز بيننا لو رآنا من بعيد نسير بجانب بعض وسيحتاج لشيء من التدقيق ليعرف أحدنا من الآخر لو اقتربنا منه أكثر … عموماً لم يطل وجوده في الشركة كثيراً لأعود بعدها موظفاً مميزاً بلا شبيه 🙂
التشابه يأخذ أحياناً طابعاً طريفاً .. تصور أن تكتشف أنهم وظفوا شخصاً يشبه صاحب الشركة أو المدير العام، ستكون هذه مناسبة لكثير من الضحك بين الموظفين خصوصاً إن كان ذلك الموظف يعمل ساعياً، لذلك أعتقد أنهم اخترعوا مقابلة العمل فقط لكي يتأكد المدير أن الموظف الجديد لا يشبهه أو يشبه أحداً .. لا سمح الله .. من الادارة.
هناك تشابه قد يجلب لك وجع الرأس ويفتح باباً للمشاكل والمصائب لو تصادف وكان أحد المطلوبين أو أصحاب المشاكل يشبهك وقد تجد نفسك متلبساً في قضية لا تعرف عنها شيء فقط لأن الكاميرات التقطت صورة شبيهك ولأنهم وصلوا إليك أولاً.
تصور أن تجد نفسك في يوم ما وقد تماثلت ملامحك مع ملامح ممثل معروف وبدأ الناس بمعاملتك على أنك هو … شعور المجد الذي سيغمرك وأنت ملاحق من معجبي ذلك الممثل وسيعتمد الأمر بعدها على شطارتك لكي تخفي سرك الصغير بأنك لست هو ولا هم يحزنون … الحقيقة أنهم سيحزنون لو اكتشفوا الحقيقة وخاصة لو حدث ذلك في وقت متأخر.
لكن قد يحدث أحياناً أن يكون الشبيه مواطناً من دولة أخرى … هكذا لن يعرف أنه يشبه أحد مشاهير مجتمع آخر … رأيت هكذا نماذج مراراً أثناء تنقلاتي اليومية هنا في تركيا .. ذلك الشاب الذي جلس بمواجهتي في أحد باصات النقل العام والذي يشبه جداً ممثلاً مصرياً أزرق العينين اشتهر بأدوار الشر .. لا أعرف اسمه للأسف .. كدت أن التقط له صورة ولكني لم أضمن ردة فعله لو اكتشف الأمر .. إنه شرير بالنتيجة 🙂
العربة التي مرت أمامي بهدوء وسائقها الذي يشبه تمام الشبه سيد مكاوي بملامحه الحادة ونظارته المميزة .. وحتى في التلفاز رأيت في إحدى العروض المسرحية ممثلاً يشبه عازف الأورغ مجدي الحسيني.
التشابه بين الناس .. بالملامح طبعاً .. له مكاسبه وطرافته وتبعاته أيضاً .. وأنا لا أرغب أبداً في أن أشبه أحداً أو يشبهني أحد .. وأرجو أن يكون ذلك الموظف قد كفّ على أن يشبهني 🙂
للأسف تركيا تقع على حزام النار الزلزالي، ما يعني أن احتمالية حدوث الزلزال هي أكبر من مناطق أخرى.
التشابه موجود ويسبب ربكة كثيرًا. حدثت لي مواقف غريبة بسبب تشابهي مع أشخاص لا أعرفهم.
أسأل الله أن يعوضكم خيرًا.
أمين لنا ولكم يارب .. ما تقوله صحيح للأسف وأرجو أن لا تحدث زلزال مدمرة بعد الآن برغم كل التوقعات السوداء .. التشابه أمر حتمي والمهم أن لا يرد شخص ما ديونه لشخص يشبهك والأمور تهون بعدها 🙂
موضوع لطيف وكتاباتك مشوّقة دائمًا.
شكراً على لطفك وتشجيعك وممتن أنها أعجبتك … كامل التحية والتقدير