مرحباً بك يا صديقي …

بيني وبينك .. عندي مشكلة مع حفلات الزفاف خصوصاً تلك التي تقام في الهواء الطلق وما أكثرها حيث أُقيم.

تلك الحفلات التي لا يريد أصحابها أن يصابوا بالفرح والسعادة لأنهم أدوا واجبهم تجاه أبناءهم أو لأنهم تخلصوا من فرد من العائلة وأصبح المكان أقل هدوءاً ومصروفاً.

هم بالتحديد يريدون أن ينغصوا عليك يومك ويحرموك من لحظات الهدوء التي يفترض أن تنالها في عطلتك الأسبوعية ..

هل تظنني أبالغ فيما أقوله !؟

فسر لي إذن سر قارع الطبل الذي يدق بطبلته بقوة وسرعة وكأن هناك مصارعة حرة على وشك البدء !!؟ .. وضّح لي تلك الأسباب المجهولة التي أدت لوضع مكبرات الصوت الضخمة التي تلعلع في الأجواء وكأن الأمر لا يتعلق بزفاف أكثر من كونه رد لكيد الحاقدين الذين كانوا يؤكدون للناس دائماً أن فلانة أو فلان سيبقون في دائرة العزّاب وسيموتون وحيدين كالكلب العقور.

والحقيقة أن الكلب العقور أصبح في حال أفضل منهم فبعد قانون الكلاب الضالة الذي أٌقر بخصوص القتل الرحيم سيموت الكلب العقور وحوله مجموعة لا بأس بها من موظفي البلدية فيا سعده وهناه.

بعض التصرفات المتطرفة التي يقوم بها الناس في حفلات الزفاف تحتاج لخبير نفسي لكي يحاول فهمها وأنا لا أفهم مغزى الهوس بإحداث أكبر قدر ممكن من الضجيج في أوقات الفرح.

والى أن يأتي يوم يؤذن الله بانتقال لمكان سكن آخر يقيم ناسه حفلات زفافهم في الصالات المغلقة مالنا إلا الصبر وإغلاق النوافذ.

مرحباً بك مرة أخرى.

أحلام بين الرفوف

أنا أسير في سوق قديم يحوي أقبية حافلة بمحلات الكتب ولا أكف عن دخول تلك المحلات وتصفح كتبها التي هي غالباً من اصدارات دار نشر سلاح التلميذ .. هناك كتب أراها لأول مرة ويبدو أنها اصدارات جديدة فأفرح بها.

أمرُّ على محلات البقالة هناك لأكتشف أنهم يخبئون غرفاً مليئة بالكتب المستعملة.

أدخل في وقت آخر على قاعة كبيرة واسعة لأكتشف أنها معرض كتاب أستطيع بالكاد تصفّح الكتب المرصوصة على الرفوف والطاولات.

وأستيقظ بعدها بقلب ممتلأ بالمشاعر الإيجابية وبروح مليئة برائحة الكتب وبنفس حياة عالي الجودة.

تأتينا الأحلام بشكل عشوائي .. وهذا يعتمد على أمور عديدة كمقدار الهواجس التي تملأ أذهاننا أو مقدار الوجبات الدسمة المتأخرة التي تملأ معداتنا .. المخاوف لها نصيب الأسد من الأحلام.

أما النوع الثاني فمن النادر جداً أن يصيبني بعد أن اعتدت على تناول وجبة العشاء في وقت مبكر نسبياً .. مع الغروب على أقرب تقدير .. هكذا تخلصت من سبب أكيد من أسباب الكوابيس ومعها قائمة طويلة من الأمراض والعلل .. لم يحدث ذلك بين يوم وليلة وكان عليّ أن أصاب بذلك الالتهاب المزمن وبارتجاع في المريّ حتى أضطر .. غير آسف .. على تنظيم وجباتي .. أي أن أخاك مكره وليس بطل بهذا الخصوص.

الهواجس تفعل فعلها أيضاً .. وهذه لا مفر منها بين كل حين وآخر وخصوصاً في حالة عدم الاستقرار التي نعيشها ويشاركنا فيها أغلب البشر في هذه المنطقة من العالم.

الأحلام المعبرة عن المخاوف لها نصيب كبير كما أسلفت وكان لي تجربة معها حكيتها من قبل في تدوينة سابقة لا أعرف أين هي بالضبط حتى أضع لك رابطها .. عموماً سأقص عليك ما حدث في وقت لاحق ولا تقل لي أنك تكرر أحاديثك .. هذا يحدث كثيراً والحكايا لها أوجه متعددة وتقصّ بأساليب مختلفة لكن المهم هنا أن تُحسن التوقيت والحكي حتى لا يصاب القارئ بالاستفزاز والملل.

هناك نوع آخر من الأحلام وهي أحلام الفقد .. وهذا أعاني منه باستمرار منذ سنوات.

الأمر متعلق بالمكتبات تحديداً .. منذ أن أتيت للاستقرار في تركيا لم تعد علاقتي بالكتب والمكتبات كما كانت.

في البداية كان الانقطاع كاملاً .. لا كتب عربية ولا مكتبات بالإضافة الى خسارتي لمكتبتي التي تركتها ورائي مكرهاً.

بعدها بسنوات بدأت أستطيع شراء الكتب من المكتبات العربية في اسطنبول عن طريق الشحن من دون التمكن من زيارتها لأسباب مختلفة تتعلق بتكاليف السفر وقلة الوقت المتاح.

وبدأت تتكون لدي مكتبة لا بأس بعدد كتبها ولكن من دون أن أستطيع ممارسة نشاط شراء الكتب الطبيعي الذي يتضمن زيارة المكتبة وتقليب كتبها كتاباً كتاباً قبل أخذ قرار الشراء.

التجول بين المكتبات وتفقد كتبها نشاط أصيل محبب عند كل قارئ ويوازي في الأهمية قراءة الكتب وله ذكرياته وانطباعاته هو الآخر وهو جزء من تجربة أن تكون بين أحضان الكتب لأن المكتبة الشخصية لن تكفي مهما بلغ حجمها.

هذه من أكبر الخسائر التي تقع على رأس القارئ حين يصبح خارج دائرته الاجتماعية ولن يعوضه عنها سوى أن يعيش قرب شارع يمتلأ بكتب مكتوبة بلغته الأم وهذا أمر صعب إن لم نقل مستحيل.

أما عن قراءة الكتب نفسها فقد تكفّلت خدمات كأبجد بأن تملأ الفراغ المفقود بكيفية ممتازة .. وأما بالنسبة للتجول بين المكتبات العربية فأسأل الله أن يرزقنا التكاليف والوقت لكي نزور بلداً عربياً لنتنعم بما تعودنا عليه زمان أيام كنا نعيش في الأوطان.