مرحباً بك يا صديقي …
أول أيام أغسطس تمضي ببطء والحر ما زال يعمل بكفاءة .. نسمع عن منخفض آت من أوروبا فنفرح .. هذه من الأشياء الإيجابية النادرة التي تأتي من هناك .. يذهب المنخفض قليل الخير سريعاً فتنضم طبقة إضافية من المعاناة الى أخواتها غابري الوجوه.
الأخبار لا تأتي إلا بالأحزان وغصّات متوالية، والظلم يمرح في الأرض طالباً المزيد .. المزيد الذي لا يكذب خبراً.
تنجح المباهج الصغيرة أحياناً في إبعادك عن كل هذا .. مباهج من نوع كتاب يرسلك الى أماكن وأزمنة لا تخلو من طرافة مع قدر محسوب من الهمّ الفاخر .. أو لعبة حاسب تنغمس فيها في أدوار غير تقليدية .. أو وجبة إفطار مبكرة مع أغنية قديمة خفيفة.
الأيام تربت عليك وتخبرك بأن الأمر ليس بهذا السوء .. وأنت تستمع لها بتشكك وعن غير اقتناع بينما لا تكف عن دسّ الآمال والرجاء في ثنايا مستقبل لا يعلمه إلا الله.
مرحباً بك مرة أخرى.
الجار الغاضب والعشاء الأخير
لعبة Neighbours from Hell واحدة من الألعاب القديمة التي لا تنسى والتي لعبها أو جربها على الأقل جميع أبناء جيلي الذين امتلكوا حاسباً في نهاية التسعينات وبداية الألفية.
اللعبة تدور حول وودي الذي يسعى للانتقام من جاره عن طريق عمل مقالب منوعة مؤذية بحيث ينفجر غاضباً في كل مرة وعليك أن تجعل الجار يغضب أكثر وأكثر عن طريق تحكمك بوودي لكي تنتقل الى المرحلة التالية.
من طرف آخر لا بد أنك قد رأيت أو سمعت على الأقل بما حدث في افتتاحية أولمبياد باريس وتلك المجموعة من غريبي الأشكال والأطوار التي مثّلت لوحة العشاء الأخير بذلك الشكل الوقح.
هناك من قال بأنهم لم يكونوا ليجرؤوا على تمثل حدث اسلامي بهذه الطريقة .. الحقيقة أن ما يسمى في الدين المسيحي بالعشاء الأخير مذكور فعلاً في إحدى سور القرآن أي أن السخرية طالت أيضاً إحدى قصص القرآن ولكن الفرق هنا أنهم اعتذروا هذه المرة لأسباب مادية بحتة بعد أن سحب بعض مموليّ الاعلانات نقودهم .. نقص التمويل موجع فعلاً ولا شك.
قد تسألني ما هي علاقة لعبة الجار القادم من الجحيم بما حدث في أولمبياد فرنسا !؟
أو لعلك لن تسألني على اعتباري من ممارسي تلك العادة الذميمة الذين يبدءون المواضيع ولا ينهونها.
الواقع أن هناك علاقة فعلاً لأن شخصية وودي تمثل بشكل جيد تصرفات من بيده القرار في الغرب مع بقية سكان الكوكب .. هم لا يكفون عن ذلك منذ قرون ومستمرون باصرار وبشكل أسوء بكثير مما يفعل وودي بجاره الذي يبحث فقط عن حياة طبيعية ولحظات هدوء وسلام.
وكما يحدث في الاعلام العالمي نجحت اللعبة في زرع حقيقة أن الجار الغاضب هو مصدر الشر في اللعبة ويستحق ما يحدث له وأن وودي مجرد بطل يؤدي دوره بكل أمانة وأنه هو صاحب القضية المحِقة .. فقط عليك إظهار الجار المنزعج بهيئة وملامح حادة وسيعتبره الناس شريراً مع أنه لم يكف منذ البداية عن تلقي الأذى والإزعاج.
تلك المجموعة من غريبي الأشكال والأطوار لم يكونوا يمثلوا في الحقيقة لوحة العشاء الأخير .. هذه فقط الصورة الحقيقية لوودي الأبيض ذو العينين الزرقاوتين.
لا توجد تعليقات