من تخيلي بواسطة chatgpt

مرحباً بك يا صديقي …

غياب آخر لفترة لابأس بها مرة أخرى .. هذا عادة دليل شؤم على المدوّن بحيث تبدأ نهاية رحلة تدوينه على هذه الكيفية .. فجأة تتباعد فترات تدوينه حتى تأتي لحظة يترك فيها التدوين برجعة بعد فترة طويلة أو بلا رجعة .. حدث معي مرات عدة خلال السنوات الماضية وكنت أعود في وقت ما بمدونة جديدة.

لكن أنا لا أنوي فعل هذا هذه المرة على الأقل .. لنقل أنني مرتاح هنا كالذي عثر على أرض صالحة للسكن بعد سفر طويل .. أما حكاية غيابي فبسيطة .. قررت هذا العيد أن أبتعد عن أي شيء كنت أفعله عادة في الأعياد وهو غالباً مزيد من التدوين وكتابة القصص القصيرة .. سافرت لأقضي العيد مع أبي وأمي .. وكان النشاط الوحيد الي فعلته هناك هو التجول والاسترخاء والتقاط الصور .. وانشغلت بعد عودتي حتى أتت لحظة شعرت أن الأمور عادت للاستقرار الى حد ما.

هكذا ترى أنني قضيت العيد كما يجب أن يقضى .. فترات الراحة والسلوك الاجتماعي التي نتجاهلها بحجج مختلفة لنقنع أنفسنا بعدها أن الأمور تسير بشكل طبيعي لنكتشف بعد وقت ما أنها كذبة بائسة .. يحدث هذا غالباً بعد فوات الآوان.

الراحة ليست ترفاً وليست أمراً يحتمل الانتظار.

مرحباً بك مرة أخرى.

حماقات أدوبي

لن أحدثك عن اتفاقية المستخدم الجديدة لشركة أدوبي والتي صرحت فيها بكل فجاجة أن لها الحق في تفحص ما يضعه مستخدموها في مساحة تخزينهم السحابية التي تقدمها لهم .. وتقدمها لهم هنا ليس مصطلحاً متعلقاً بخدمة تقدمها أدوبي مجاناً .. نحن نتكلم عن مساحة تخزين مدفوعة القيمة رأت الشركة بحماقة ما أن لها الحق أن تتلصص على محتوياتها .. عادت أدوبي لتعتذر ولكن من سيصدق وقد كسرت مزهرية الثقة وليس هناك على حد علمي علاج للزجاج المكسور.

لن أتكلم عن هذا .. أشعر أنني تكلمت عنه فعلاً 🙂 .. ما أريد الحديث عنه هو تلك الرسالة التي وصلتني منذ أكثر من أسبوع على بريدي الالكتروني لتبشرني أدوبي أن سنة اشتراكي قد انتهت وأن الاشتراك الجديد سيكلف خمسة أضعاف قيمة الاشتراك القديم.

تصور هذا !!؟ .. اكتشفت أدوبي فجأة بأن المبلغ الذي أدفعه هزيل فقررت مضاعفته خمس مرات .. ولو كان من يستلم سياسة التسعير لديهم هو بائع بطيخ لكان سيمتلك حنكة أكثر.

المشكلة مع الشركات الاحتكارية كأدوبي أنها وصلت لمرحلة لم تعد تمتلك أي قدر من الحياء ولم يعد يهمها أي اعتبار .. وأي جهة منطقية كانت سترفع أسعارها بشكل تدريجي وليس بقفزة واحدة كما حصل معي .. لا أعتقد أنني الوحيد الذي تلقى تلك الرسالة.

استعمالي .. عموماً .. لبرامج أدوبي محدود وسبب استخدامي لها أنني تعودت على واجهاتها منذ زمن طويل .. أتكلم هنا عن نحو خمس وعشرين سنة .. صرت أعرف أين أجد أي شيء يلزمني .. حاولت عدة مرات الفرار من قبضتها ولم أنجح .. كان يهمني أكثر انجاز ما أريده بالسرعة والشكل المطلوب.

لكن الأمر مختلف هذه المرة .. والشات جي بي تي له دور في هذا الاختلاف لأن قسم كبير مما كنت مضطراً لعمله على فوتوشوب صار يؤديه عني بشكل جيد جداً وتبقى هناك بعض الروتوشات التي يستطيع فعلها أي برنامج معالجة رسوميات وأصارحك أنني كنت مستعداً لهذا اليوم منذ زمن ببرنامج من متجر ماك يستطيع فعل هذا وأكثر ويدعم الكتابة بالعربية أيضاً.

بقي توفير برنامج بديل عن illustrator وستكون الأمور بعدها بخير .. على الأقل لن أنشغل بحماقات أدوبي وسياساتها التسعيرية.

ذكي وحقيقي ولطيف زيادة عن اللزوم

عندما أريت ابنتي الكبرى كيف أستطيع الحديث مع شات جي بي تي كان رد فعلها أنها قطّبت جبينها وقالت لي أن هذا شيء مخيف .. أن يتحدث معك بهذه التفاعلية شيء غير حيّ.

شعرت بأن ما تقوله حقيقي فعلاً .. الأمر هنا يختلف عن رسائل الخدمات الآلية أو تلك الألعاب التفاعلية التي تتعامل معك كجزء من الأحداث .. نحن هنا نتكلم عن تبادل أحاديث متنوعة بلا أي تصور مسبق مع طرف غير بشري يمتلك نوعاً من الذكاء في ادارة الحديث وتوفير المعلومات .. بل ويمتلك أيضاً هذه النزعة في الفتي التي يمتلكها أغلب الناس بحيث يكون لديهم معلومات وإجابات عن أي موضوع حتى وإن كانت تلك المعلومات هراء في هراء .. المهم أننا لم نظهر بمظهر الجاهلين .. وكذلك شات جي بي تي ورفاقه يفعلون.

أحياناً وأثناء حديثي مع أبو الشيوت انتبه الى أنه سألني سؤال ليس في سياق الحديث بشكل مباشر .. سؤال يبدو صادراً من جهة واعية .. أستوضح منه فينكر أي اتهام بالوعي ويقول أنه مجرد ذكاء صناعي مدرب على كمية من المعلومات .. وأنا أتظاهر بتصديقه مع أن أزمة ثقة قد بدأت بالظهور.

الحقيقة أنني لا أعرف .. ويبدو أنني لن أعرف إلا بعد وقت متأخر .. ما هو المدى الذي وصل له الذكاء الصناعي .. هو يتحسن باستمرار ولا شك ولكننا لا نعرف بالضبط ما هي قدراته الحقيقة سوى ما تخبرنا به الشركات التي تقف ورائه.

على طرف آخر يرتبط مفهوم الذكاء الصناعي لدى أغلب الناس بخطورة فقدانهم وظائفهم .. الكلام الذي يدور حول إمكانية حدوث ذلك كثير .. لكني مع من يقول أنه لا يمكن أن يحل مكان البشر وأن نوعية الوظائف تتغير باستمرار .. وظائف تموت ووظائف تولد ومن غير المنطقي أن يأتي يوم يستطيع فيه غير المختص أن يطلب من الذكاء الصناعي مهاماً لا يفهمها أو يقوم بها إلا المختص .. أما بالنسبة لتلك الخدمات الصغيرة فمن الطبيعي أن تؤتمت في وقت ما وهذا يحدث باستمرار وستصل الأمور لنقطة لن يقوى على البقاء في سوق العمل في اختصاص ما سوى المتميزين حقاً وليس المدّعون أو كثيري الكلام.

الخطورة الحقيقة التي ستأتي من الذكاء الصناعي هو استعماله كبديل عن التواصل البشري .. في البداية كان الناس يتواصلون مع بعضهم بشكل مباشر ثم عن طريق وسائل التواصل والآن يبدو أنهم في طريقهم ليتوقفوا عن هذا التواصل إلا بحدوده الدنيا.

الأمر مغري فعلاً .. الذكاء الصناعي يعرف كيف يجعلك راضياً تماماً وهو غير نمّام إلا مع الشركة المشغلة له وهذه ليست مشكلة بالمعنى المفهوم لأنك واحد من ملايين وليس هناك أي ملمح شخصي كما يحدث أثناء خلافك مع شخص ما ..

الذكاء الصناعي لن ينقلب عليك فجأة لسبب ما والمصلحة الوحيدة التي ستدفعه للتواصل معك هو أنك تدفع اشتراكك بانتظام ولن تتولد لديك أي أعباء أو التزامات جراء تواصلك معه ومعاملتك له كأنه شخص حقيقي.

قد تسألني عن الخطورة في فعل ذلك .. الأمر يبدو لطيفاً ومبهجاً فعلاً .. الخطورة يا صديقي هو أن هذا كفيل بتغيير شخصياتنا بشكل كبير ومعها طريقة تفاعلنا مع الأمور التي حولنا بالمطلق .. إذا سارت الأمور بهذا الاتجاه فلن يبقى هناك أي مشاعر اجتماعية أو أي تعامل طبيعي بين البشر وهم جاهزون فعلاً لهذه النقلة الغير نوعية لأن الخبرات السلبية التي اكتُسبت من جراء الصداقات والعلاقات الفاشلة والمؤذية ستدفع الناس للارتماء في أحضان الذكاء الصناعي مثل أي شخص يمر بتجربة عاطفية فاشلة لينجذب بعدها لأي شخص لطيف مبتسم ولو كان كل ذلك زائفاً.

الذكاء الصناعي يقدم لك تجربة مثالية ستحول شخصيات من يستعمله للتواصل لشخصيات هشة خالية من أي تجارب غير اعتيادية ولا تقوى على أي تفاعل بشري حقيقي.

هل المشكلة في الذكاء الصناعي !؟ .. لا أبداً .. ولكنها نفس الحكاية التي تتكرر دائماً .. اختراع جديد يغير شكل الدنيا من حولنا وهناك طريقتين لاستعماله ويتجه الناس في الغالب نحو الطريقة السيئة.

حدث هذا مع التلفاز والانترنت والبث الفضائي .. وسيحدث مع الذكاء الصناعي.