مرحباً بك يا صديقي
بيني وبينك .. كنت أرغب بكتابة عدد خاص أتكلم فيه عن السنة الماضية باستفاضة أكثر ولكني ترددت لأنني لم أرغب بتكرار أمور تحدثت عنها من قبل.
الذي دفعني للتفكير بذلك هو أنني وجدت بعد تفكير أن السنة الماضية كانت فعلاً مفصلية في الخط الزمني لحياتي لأن أموراً عديدة تغيرّت من خلالها .. أمور ملموسة وأمور نفسية .. الزلزال وما حدث خلاله وتغيير مكان العمل وعادات تُضيّع الوقت نجحت والحمد لله في الحد منها.
كتابة جردة عن سنة كاملة أمر مغر حقاً ولكني كما قلت لك خشيت من التكرار .. أعتقد أنني بدأت أكرر فعلاً 🙂 .. لذلك سأؤجل ما رغبت بالحديث عنه الى وقت آخر .. على الأقل ليكون التكرار بالنسبة لك أمراً محتملاً.
الجميل وغير الجميل أن سنة جديدة طازجة قد بدأت .. جميل لأن أمامنا سنة كاملة تقريباً نستطيع من خلالها فعل الكثير لو أردنا بجدية .. وغير جميل لأن الأيام تمضي بسرعة وسرعان ما نبدأ سنة طازجة أخرى لو شاء المولى ذلك .. سنة جديدة أخرى قد تأتي من دون أن نحقق بشكل حاسم ما نريده من أهداف .. وأقصد هنا تحقيق الأهداف بطريقة تحدث تغييراً في الحياة نحو الأفضل.
مرحباً بك مرة أخرى ..
Internet Off
أعترف بأني لدي هاجس للتفكير بتداعيات السؤال التالي :
ماذا سيحدث لو استيقظنا ذات صباح لنجد أن شبكة الانترنت قد توقفت الى الأبد ؟
وأنا أحاول دائماً التفكير بردود عملية تدفعني لعمل أمور معينة بحيث أكون مستعداً لو حدث ذلك بالفعل.
بصراحة الأمر معقد أكثر مما يبدو لأن الشركات المصنعة لأنظمة التشغيل والبرمجيات تفترض أن هذا لن يحدث أبداً لذلك صنعت كل شيء اعتماداً على هذا الافتراض لدرجة أن مايكروسوفت مثلاً تخطط لأن يكون نظام التشغيل ويندوز في المستقبل القريب عبارة عن خدمة تأتيك عبر الشبكة وهذا موجود بالفعل حالياً ولكن على نطاق محدود.
لذلك طرحت البارحة هذا السؤال عبر ماستودن :
لو حدث واختفت شبكة الانترنت الى الأبد فهل ستبقى أنظمة التشغيل قيد العمل ؟
كان هناك جواب من الأستاذ عبد الله المهيري وبعده كانت هناك محادثة على هذا الرابط
وأنا أعتقد أن طرح مثل هذه الأسئلة مفيد لأنه قد يدفعك الى التخلص من فرض الشبكة المتعمد في كل ركن من أركان نشاطك التقني لدرجة صرت تشك أن الهدف الأول لأغلب لتطبيقات والبرامج والمتصفحات هو جمع ما أمكن من المعلومات عنك ..
وحتى لا تتهمني بالبارانويا أريدك أن تفسر لي لماذا تطلب مني أغلب التطبيقات أن أوافق على مشاركة معلومات نشاطي بدعوى أن هذا يساعدهم على تحسين جودة الخدمة .. طبعاً أنا أتكلم هنا عن التطبيقات المهذبة التي تعطيك الخيار وليس عن تلك التي تفترض مسبقاً أنني موافق على أن أتحول أنا ونشاطي على ذلك التطبيق وغيره لشيء أشبه .. لا مؤاخذة .. بفأر تجارب.
الأمر الآخر الذي خطر لي من خلال محادثتي مع الأستاذ عبد الله هو أن شبكة الانترنت نفسها أتت من تطور غير طبيعي .. وما أقصده هنا هو أنه كان من المفترض أن تكون الشبكة نتيجة اندماج عدة شبكات محلية من دول مختلفة بهدف توسيع التواصل وتبادل المعلومات بين الناس بحيث تحتفظ كل شبكة بخصوصيتها .. لكن الذي حدث هو أنه تم حشر جميع البشر في شبكة واحدة تملك مفاتيحها دولة واحدة فقط.
احتياجات الناس ليست معيارية لكي يتم التعامل معهم على أنهم شيء واحد .. الثقافات وحاجات الناس للشبكة تختلف وفق المجتمعات نفسها .. لكن الذي حدث هو أنه تم تجاهل كل هذا وفرض على الناس كيفية واحدة لاستعمال الشبكة تفترض أنك بحاجة لاتصال دائم بها.
ووصل الأمر لأن تكون مجبراً على أن تكون على هذا التواصل دائم مع هذه الشبكة لكي تحقق الانتاجية التي ترغب بها .. التطبيقات المدفوعة تطلب ذلك دائماً واستعمالها مغري لأنها تعطيك نتائج رائعة بأقل عدد ممكن من الخطوات.
هذه منطقة راحة من الصعب الخروج منها.
وأنا لا أرغب بأن أصعب الأمور عليك وقد تكون غير مبالي بهذا كله وفق المثل الشعبي الذي يقول : لا تموت حتى يأتيك الموت .. لكن لو رغبت في يوم ما بالتفكير بما سيحصل لو استيقظت ذات صباح لتجد أن الشبكة قد راحت على غير رجعة عندها قد يدفعك هذا لتغيير أسلوب تعاملك معها ولقليل .. على الأقل .. من فك الارتباط بها.
في الرابط هنا تدوينة للأستاذ عبد الله حول هذا الموضوع أنصحك بقراءتها
الأخلاق أولاً
كنت منذ أيام أقف أنا وابنتي الكبرى وزوجتي في مكتبة لبيع الكتب المستعملة وهذه المكتبات منتشرة في كل المدن الكبرى التركية وتبيع الكتب بأسعار رخيصة نسبياً .. أسعار الكتب هنا أرخص من مثيلاتها في الدول العربية برغم التضخم المتوحش الذي ينتشر باستمرار منذ سنوات من دون توقف.
أخذت أقلّب أنظاري بين الكتب محاولاً أن أجد عناوين أعرفها فعثرت على نسخة من رواية لعزيز نيسن بعنوان : أطفال هذه الأيام الرائعون سألت البائع عن سعرها فنظر لها وابتسم قائلاً ما معناه أنني لست من أولئك المتزمتين الذين لا يحبون عزيز نيسن .. وفهمت بعد عدة أسئلة أن نيسن غير محبوب من كثير من الناس في تركيا لأن له آراء على غرار أنه لا يحق لأحد أن يفرض معتقداته على الآخرين.
فكرت للوهلة الأولى أن هذا الكلام صحيح لأن الله لم يجبر الناس على دين واحد كما قال عدة مرات في القرآن فلا يحق لنا البشر أن نفعل ذلك .. ولكني شعرت بأن الموضوع بحاجة لمزيد من التفكير فقضيت عدة أيام أفكر فيه في أوقات مختلفة حتى وصلت لنتيجة أن هذا صحيح فعلاً ولكن لا يعني أن يُعطى المجال للمتفلّتين بأن يقرروا ما سيكون عليه شكل المجتمع .. يجب في البداية أن يكون المجتمع محمياً بالأخلاق والسلوك الحسن وبعدها من الممكن أن نصل لمرحلة التسامح مع الاختلاف في المعتقدات وطريقة التفكير.
الاشكالية هنا أن الانسان .. سواء كان فرداً أو مجموعة .. لا يستطيع فرض القيم الأخلاقية على نفسه أو على غيره لأن قرارته ستكون محكومة بالمصالح وبتربيته المحلية إضافة الى أن عقل الانسان ليس جهة محايدة تستطيع الاعتماد عليها لكي تصدر عنه نتائج أخلاقية مناسبة لجميع الناس .. لذلك فمن المنطقي أن تستمد الأخلاق وحقوق البشر وأصول التعامل فيما بينهم من تعاليم الخالق كونه الجهة المحايدة الوحيدة التي تستطيع فعل ذلك بنجاح.
نحن كبشر لا يحق لنا بالطبع أن نفرض معتقداتنا وآرائنا على من حولنا لكن بشرط أن لا يحدث العكس أيضاً لأن مطلق الحرية ستكون هي كذلك مطلق الفوضى الأخلاقية بحيث يفرض الأقوى قيمه على الجميع بحجج مختلفة ويجبرهم بالارهاب وبأنواع مختلفة من القوة على تطبيق تلك القيم مهما كانت رديئة وتعطي نتائج كارثية.
هذا كل مالديّ الآن.
الأوقات السعيدة عادة ما تنتهي بسرعة.
سعدت بلقاءك اليوم وأنتظر زياراتك دائماً.
الى لقاء آخر.
أرتريا ليست لديهم أنترنت، فقط في نزلين و نقاط قليلة من العاصمة ،أظن المثال الجيد لعدم وجود شبكة ، رغم ذلك الحياة تسير بشكل عادي، كذلك في مناطق من إفريقيا ليست لديهم ويستعملون الدفع بالsms وهي طريقة متطورة جدا وسابقة لزمانها ، لأنها في الصين تتم داخل تطبيق weechat…كذلك بورندي هي دول في مجاهل إفريقيا و يعيشون خارج الزمان …
من المؤكد أن لديهم وسائل بديلة على الأقل ما كنا نستعمله في التسعينات وبداية الألفية من أقراص ليزرية ولا أظن أنه قد فاتهم شيء هام .. العكس غالباً هو الصحيح .. الاعتماد على الكتب في تلقي الثقافة ومن الممكن أن يتلقوا الدعم التعليمي عن طريق الفيديوهات .. ما أريد قوله أن الشبكة هي مصدر تعليم مليء بالملهيات والشوائب
صحيح أن اﻹنترنت لم تتطور بطريقة صحيح، أو بطريقة غير متوازنة، كنت أتمنى قديماً أن تكون هناك سيرفرات محلية عندنا تخدم بلدنا ونستخدمها أكثر من المخدمات العالمية، مركزية خدمات الشبكة مشكلة كبيرة ويجعل عدم توازن اقتصادي. الصين أدركت ذلك ونجحت في عمل خدمات محلية تنافس العالمية مستغلة العدد الكبير وحاجز اللغة والجدار الناري firewall
أنا أعاني هذه اﻷيام من ضعف النت بالنهار في مكاني الجديد، والحاسوب أصبح قليل الفائدة عند انعدام النت، واستغل هذا الوقت لكتابة كتاب بواسطة حزمة LibreOffice وهي لا تحتاج للنت واستخدم نظام التشغيل للتجارب ونقل تلك التجارب واﻷمثلة للكتاب إلا أني بين الحين واﻵخر أحتاج للرجوع للنت للبحث عن شيء
بالنسبة لحرية اﻷديان فلايوجد حرية بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهي رسالة لكل الناس، كما قال الله تعالى في سورة سبأ: أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٢٨﴾
لكن صحيح لا يستطيع شخص أن يفرض معتقداته على الناس، حتى الرسل فقد ذكر الله تعالي في أكثر من موضع في القرآن: مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ
أنا أحلم أيضاً بسيرفرات محلية تكون مخصصة لتزويد المواطنين بالمعلومات وتشرف عليها جهة غير ربحية… الصين نجحت فعلاً ولكنها خلقت واقعاً موازياً ونقلت بلاوي استعمال الشبكة اليها أيضاً.
كتابة كتاب أثناء غياب أو ضعف النت أمر جميل ويبدو أن محتواه تقني وسأكون أول المشترين إن شاء الله في حال قررت نشره 🙂
نعم الدين بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام هو الاسلام … ما قصدته هم المتفلتون الذين لا يريدون الالتزام بشيء هؤلاء ستكون مشكلة كبيرة أن يكونوا هم من يتحكمون بالمجتمع … ليأخذوا حريتهم بحدود بعيداً عنا.
السلام عليك يا أستاذ عامر!
سيأتي حتما يوم لن تكون فيه شبكة، لهذا أنا أخزن على حاسوب الكثير من الكتب و المجلات و الأفلام. أما بخصوص شره الشركات و المواقع لجمع معطياتنا ، فهذا راجع لطبيعة العصر الذي نعيش فيه. حيث المعطيات أي معطيات سلعة رائجة و غالية السعر.
خير ما تفعل … أنا أفعل ذلك مع المواد المتقادمة التي ليس لها حقوق نشر … ونعم أصبحت تجارة المعلومات مربحة ولكن المشكلة أن ذلك يتم عن طريق الخداع