الصورة من تأليفي بواسطة AdobeFirfly

مرحباً بك يا صديقي

ظهرت تلك الأعراض الموسمية منذ يومين .. في البداية كان تعباً عاماً من الممكن تفسيره بسهولة بأنه مجرد ارهاق .. لكن الذي حدث أنه أدى الى انفلونزا عاصفة جعلتني أنام بمجرد عودتي من المنزل وتناولي قدراً من الطعام.

استيقظت بعدها في منتصف الليل تقريباً وقضيت الساعات حتى الصباح في أرق وفي وجع .. والذي يثير بعض علامات الاستفهام هي اشتداد أعراض الأمراض الموسمية بعد وباء كورونا .. هل هناك علاقة ما!؟ .. أنا لست ضد نظريات المؤامرة بالكامل ولست معها بالكامل ولكن لو ثبت أن هناك علاقة ما بين كورونا وبين تلك الأعراض المتصاعدة وهي لا تحصل معي وحدي فسيكون الأمر مدعاة للتساؤل حول هذا الوباء الذي جعل مناعة الناس تتراجع بشكل ملحوظ.

الأرق والوجع والسعي وراء التخلص من إدمان اليوتيوب جعلاني أقضي الليل في القراءة .. أنام لدقائق من دون أن أشعر لأنتبه وأعود لأقرأ حتى بداية الصباح .. ثم نمت لبضع ساعات متواصلة قبل أن أبدأ يوماً آخر.

الوضع الآن أفضل الى حد ما .. ذهب أغلب الوجع وبقي مابقي كامناً في أطرافي .. الشتاء جميل ولكنه لا يأتي من دون بعض ما يمكن أن نسميه بالخسائر .. خسائر أهون من خسائر أخرى والحمد لله.

هذا بالنسبة للمرض أما بالنسبة لموضوع التخلص من إدمان اليوتيوب فسأتكلم عنه حالاً.

إدمان آخر

اكتشفت منذ فترة أنني مدمن على مشاهدة فيديوهات يوتيوب.

دعنا أولاً نعرف ما هو إدمان اليوتيوب .. ببساطة عندما تتنقل بين الفيديوهات من دون هدف واضح بشكل مستمر ويومي عندها ستكون مدمناً على يوتيوب.

زمان كنت أعتبر إدمان الشبكة هو مصطلح متعلق بالمواقع الاجتماعية فقط كفايس بوك وتويتر .. لذلك سعيت لتجنبها حتى صارت العلاقة بيني وبينهم هو فقط لوضع روابط التدوينات وبعض التصفحات السريعة كل بضعة أيام.

هذا جميل … ولكن ماذا عن ذلك الوقت الذي أقضيه .. خصوصاً قبل النوم .. في التقليب العشوائي بين فيديوهات يوتيوب !؟

زمان كانت الأخبار السائدة بين الناس هي الأخبار المحلية … في الثمانينات كان أغلب ما يصلنا من أخبار هو أحاديث الأقارب والناس من حولنا حول الأمور التي تحصل في الحارات والمناطق المجاورة .. ومع الزمن تراجع كل هذا لنصل الى وقت بتنا نعرف ما يحدث في الدول البعيدة قبل أن نعرف ما يحصل في الشارع المجاور .. هذا إن عرفنا أصلاً.

هذه مشكلة كما تعلم .. ولن أتكلم كثيراً حولها .. فقط فكر بعبثية ما يحدث ومدة التفكك الاجتماعي والفردانية التي نسير في طريقها في تصميم وجنون.

ضع معها أيضاً كمية الوقت الضائع والتشويش والمشاعر السلبية .. هذه مشكلة حقيقة.

لذلك بدأت في التخلص من كل هذا .. أولاً توقفت عن استعمال التطبيق الرسمي ليوتيوب واستبدلته بتطبيق NewPipe .. التطبيق مفتوح المصدر ولا يقدم أي اقتراحات للمشاهدة .. فقط التريندات وهي في تبويب لوحدها ولا شيء سيدفعك لمشاهدتها لأن أغلبها محتوى تافه 🙂

ثانياً : بدأت بالتعود على فتح تطبيق أبجد كلما شعرت بالحاجة لتقليب فيديوهات يوتيوب .. هذا شبيه بامتصاص أقراص النعناع الذي يمارسه من يريد الاقلاع عن التدخين .. النتيجة أن حجم قراءاتي زاد لنحو كبير والحمد لله وبدأت أشعر بأن ذهني أصبح أصفى من قبل.

الحكاية بحاجة الى صبر والى تصميم .. وصدقني ليس الأمر مجرد ترف أو بهدف تجربة شيء مختلف .. هناك ضرر ووقت ضائع وأنا أحاول معالجة كل هذا لا أكثر.

هل سأتوقف عن استخدام يوتيوب نهائياً !؟

قطعاً لا .. هناك الكثير من المواد المفيدة هناك .. وهناك قنوات أتابعها ويهمني أن أرى محتواها المتجدد.

لكن حين يتحول الأمر الى ادمان فهذا شيء آخر.

مجرد ملاحظة

بدأت باستعمال خدمات كتابة الملاحظات بشكل جاد منذ عام 2009 تقريباً .. قبلها كنت أكتبها على مفكرات صغيرة .. وكانت المفكرة تضيع بعد فترة في مكان ما أو كنت ببساطة أتوقف عن كتابتها لأعود لها بعد أن أعثر في المكتبة على دفتر ملاحظات جميل التصميم فأضع كتابة الملاحظات عليه حجة في نفسي لكي أشتريه وأنا بكامل قواي الضميرية.

وفي الغالب كانت المفكرة تبقى خالية لأنها أجمل من أن ألوثها بخطي الرديء الغير قابل للقراءة حتى مني أنا.

ثم جاءت موجة خدمات كتابة الملاحظات .. أصابني الحماس وبدأت أستعمل EverNote ثم تنقلت خلال السنوات التالية لأكثر من خدمة .. لنقل أنني استعملت أغلبها .. في النهاية توقفت عند تطبيق الملاحظات الرسمي من أبل للملاحظات المستقرة وللملاحظات السريعة تطبيق آخر مفتوح المصدر على هاتفي لا يتطلب حساب ولا يخزن الملاحظات على السحابة وبامكاني أخذ نسخة منه بتنسيق JSON وهذا أكثر من كاف.

هذا عن تجربتي مع الوسائط التي كنت أستخدمها بداية بالمفكرات وانتهاءاً بتلك الخدمات والتطبيقات الالكترونية.

أما عن أسلوبي في كتابة الملاحظة ففي البداية كنت أكتب بضع كلمات باستعجال وبدون ترابط واضح وكانت النتيجة الشبه دائمة أنني أنسى الغرض من كتابتها أصلاً وتتحول الى كلمات من لغة أجهلها .. هكذا بدأت أصاب باليأس الذي جعلني أكتفي بالكتابة من دون العودة إليها إلا بشكل نادر متصفحاً لها وكأنها دفتر لجمع الطوابع وليس كلمات من المفترض أن تذكرني بأمور هامة.

وتغير كل شيء بعد قراءتي لكتاب اللغز وراء السطور لأحمد خالد توفيق رحمه الله .. والكتاب مجموعة من المقالات التي تعلم بعض تقنيات الكتابة إضافة الى تجارب كاتبها بهذا الصدد .. كانت هناك مقالة تتحدث عن معاناة الكاتب مع فك طلاسم ملاحظاته التي كانت مهمة جداً بالنسبة له لأنها نواة للمقالات والقصص التي كان يكتبها.

هذا المقال أعطاني درساً لا بأس به بهذا الصدد وامتلكت من بعده هاجساً يلحّ عليّ أن أوضح الملاحظات التي أكتبها ما أمكن .. لدرجة أني أكتب أحياناً أجزاء كبيرة من المقالة أو القصة التي كنت أريد فقط أن أسجل أفكارها.

المشكلة أن هناك الكثير من الأفكار التي لا تستطيع أن تعبر عنها جملة أو جملتين .. أحياناً يكون الحل أن تجلس وتكتب ما خطر لك بشكل كامل .. هذا حل جيد لو كنت متفرغاً للكتابة ولكن الأفكار لا تأتي غالباً في تلك الأوقات التي تكون مستعداً فيها للكتابة لذلك تكون مجبراً على تلخيصها بعدة جمل وهنا يتحول الأمر لنوع من الركض والصراخ في وجه ذلك المسافر العزيز الذي يودعك من خلال شباك القطار الذي يتحرك بوتيرة متصاعدة وأنت تحاول بيأس أن تخبره بجميع توصياتك وسلاماتك ومشاعرك .. وتتمنى من كل قلبك لو توقف القطار ليعود لك ويكف عن السفر أو أن تصعد أنت وتجلس بجانبه لتبادل الأحاديث معه حتى آخر صفحة من الرواية أو المقالة.

هذا ما أردت إخبارك به اليوم يا صديقي.

حلّ وقت الوداع.

سعدت بلقاءك اليوم وأنتظر زياراتك دائماً.

سأبدأ في المرة القادمة إن شاء الله بسلسلة جديدة مختلفة أرجو أن تنال اعجابك.

لن أتوقف عن أحاديث الشرفات 🙂

الى لقاء آخر.