هذا هو العدد العاشر من أحاديث الشُرفات واليوم أول يوم في السنة التي أرجو أن تكون سنة خير .. لا ترتبط اﻷحداث السعيدة أو غيرها بأول أو آخر السنة عادة ولكننا نحب وضع بداية ﻷي شيء حتى إن كانت بداية وهمية.
عشرة !!.. رقم فخم حقاً ويُشعِرني بالكثرة .. وصول أحاديث الشُرفات الى العدد العاشر شيء أسعدني ﻷن معنى ذلك أنها أصبحت جزءاً رئيسياً من مجلة شيء من حتى.
وأنا لم أكن أخطط لإصدارها بهذا الشكل وإنما أتتني الفكرة من الحاجة لتجميع اﻷفكار الصغيرة التي لا تكفي لكي تشكل كل منها تدوينة كاملة لتكون ضمن كيان واحد أتخيل فيه أننا نجلس سوية في شرفة مطلة على مشهد واسع في أحد أيام الربيع أو الخريف الدافئة .. لعلها إحدى ليالي الصيف ذات اﻷنسام الرحيمة .. ﻷقصّ عليك ما يخطر ببالي من أحاديث.
هذه الجلسات تكون ملائمة لطرح المواضيع القصيرة المتنوعة بلا رابط يجمعها ومن هنا أتت التسمية.
أتمنى أن تعجبك أحاديث الشُرفات دائماً وأن تزورني كلما أسعفك الوقت لفعل ذلك.
ما حدث في الغرفة رقم 207
أنهيت منذ أيام مشاهدة مسلسل “الغرفة رقم 207” الذي يبث على منصة “شاهد” .. أشترك عادة لوقت محدود في هذه المنصات عندما يكون هناك ما يستحق المشاهدة وهو قليل غالباً.
ما جعلني أشاهد هذا المسلسل هو أن النص مأخوذ من رواية “الغرفة 207” ﻷحمد خالد توفيق رحمه الله.
وكما لي أن أتوقع كان هناك العديد منن الاختلافات بين النص والمسلسل وحتى الشخصيات كان بعضها غير موجوداً وبعضها كان قد مات منذ زمن ولم يظهر في القصة اﻷصلية سوى بطريقة عابرة.
طريقة تصوير المسلسل واختيار اﻷلوان والديكور كانت مميزة ومن ذلك النمط القديم الذي أحبه وحتى طريقة تمثيل الشخصيات كانت جميلة وهناك تعمد في إعطاء الوقت لاظهار الانفعالات بشكل لم أره مزعجاً.
الخدع السينمائية كانت جيدة وشكّلت نمطاً لافتاً مع الخلفيات الموسيقية .. كان لي ملاحظة في مشهد استحضار اﻷرواح في الغرفة حين مات المُستحضر حيث أنه كان من الممكن تصوير المشهد بشكل أكثر إرعاباً .. كتابة هذه المشاهد وتصويرها تتم بموجب الخيال الكابوسي لمن يصنعها وكلما كانت هواجس صانعه مخيفة أكثر كلما خرج المشهد بشكل أكثر إرعاباً وإثارة.
المشكلة في المسلسل .. كما أراها .. هي استعجال الخوض في القصة الممتدة .. المسلسل يحوي قصة مستقلة في كل حلقة وهناك قصة ممتدة تجمع بين الحلقات بحيث يسير من خلالها خط تطور علاقة الشخصيات مع بعضها وتفاعلها أيضاً مع الحبكة العامة للقصة، هذا اﻷمر مُتبع في اﻷعمال الغربية ويعدّ أساساً ممتازاً لكي تُبنى عدة أجزاء من العمل وقد تكون متماسكة أو غير متماسكة وفق قوة هذه الحبكة.
الذي حدث في المسلسل أنهم تسرّعوا في الخوض في القصة الممتدة وكان باستطاعتهم أن يجعلوها تنمو على مهل من خلال القصص المستقلة التي تحتويها الحلقات والتي كان عرضها يتم بشكل جميل وخاصة مع إضافة تلك الأغاني التي تُعبر عن القصة والتي تبدأ بها معظم الحلقات.
وهناك أيضاً بعض التطويل في الحلقات اﻷخيرة وكان باستطاعتهم اختصار حلقة كاملة على اﻷقل من دون أن يحدث أي خلل في سير اﻷحداث وبدلاً من ذلك هناك الكثير من القصص التي تحتويها الرواية اﻷصلية والتي تستحق أن تعرض من خلال المسلسل ولم يكن هناك مبرر لذلك التطويل المُتعمَد للأحداث.
كان واضحاً من الحلقة اﻷخيرة أن هناك جزء آخر من المسلسل .. لننتظر ونرى ما سيحدث إذن.
المسلسل يحتوي على القليل من المشاهد الخارجة ولم أشعر أن هناك تعمد على إقحامها كما صار يحدث مؤخراً بشكل متزايد ومستفز .. ولكنه مع ذلك لا يصلح للمشاهدة العائلية من زاوية احتوائه على مشاهد مرعبة على اﻷقل.
بشكل عام كان المسلسل ناجحاً على اﻷقل لو تمت مقارنته بتجارب الرعب العربية المماثلة السابقة وكانت شخصية عم مينا ممتازة وقريبة الشبه جداً بالدكتور رفعت اسماعيل أكثر من أي محاولة قد قام بها ممثل آخر وحتى أكثر من ذلك الظهور السريع لرفعت اسماعيل وهو يسجّل خروجه من الغرفة “207” ويغادر الفندق.
أبو سعيد المتشائل
نصحني أحد اﻷصدقاء .. الحقيقيين .. منذ فترة بقراءة رواية “المتشائل” ثم أعارني إياها .. مشكوراً .. لكي أتحمس لقراءتها أكثر وهكذا فعلت.
في البداية لم تعجبني الرواية كثيراً ولكني صبرت وتابعت القراءة حتى وصلت الى تلك المرحلة التي لا تستطيع بعدها ترك الرواية قبل أن تفرغ منها أو ستبقى عالقة في ذهنك العاصف بالتساؤلات حتى تعود لمتابعة قراءتها.
الرواية رمزية جداً ومكتوبة بطريقة غير مألوفة دفعتني لحضور مقابلة مع الكاتب إميل حبيبي على اليوتيوب اكتشفت من خلالها شغف الكاتب بكتب التراث العربي القديمة التي كانت متأثراً بها بشدة وانعكس هذا على أسلوب كتابته للمتشائل.
الرواية تصف بشكل ساخر اﻷيام اﻷولى لنكبة فلسطين وتطورها حتى بداية السبعينات وهي ليست محاولة للتأريخ بقدر ما هي رغبة من الكاتب في كتابة اسقاطات سياسية تصف العديد من أنماط الشخصيات التي كانت موجودة في فلسطين في ذلك الوقت والتي أثّرت على سير اﻷحداث بطرق وبأشكال مختلفة، الشخصيات التي لا تخلوا من تفاهة وهبوط في المبادئ أحياناً بخاصة الشخصية الرئيسية سعيد المتشائل الذي يكشف بكل صراحة من خلال أحداث الرواية عن تاريخ عائلته .. الغير مبهج .. وعن تصرفاته المستكينة وعن “يعاد” اﻷولى والثانية وعن زوجته وابنه اللذين غابا في البحر ولم يرجعا قط.
شعرت بأن الكاتب يحاول من خلالها كتابة هواجس وخيبة الفلسطيني الذي استيقظ فجأة ليجد نفسه في دولة مصطنعة مختلفة تماماً عن الدولة الطبيعية التي كان يعيش فيها .. دولة صارت تعامله على أنه موجود بشري من النخب الثالث وليس مواطناً أصلياً يعيش بين كومة مهاجرين أتوا من أماكن مختلفة.
الرواية جيدة وموضوعة من بين أفضل رواية عربية وأنصحك بقراءتها ولكني أنبهك بأنها بحاجة لبعض الصبر وبعدها ستشعر بأنك تسير مع المتشائل وتتابع حياته الممتدة وتلك اﻷحداث التي أدت الى …
لن أحرق لك الحكاية طبعاً 🙂
رائع.
المتشائل قرأتها قبل سنين ،لم افهمها وقتها ،حين قرأتها مرة اخرى فهمتها …
هذا طبيعي ﻷن اﻷحداث تسير بشكل متسارع منذ بدايتها وطوال الوقت .. الشخصيات كثيرة ومنها ما يصفه الكاتب بشكل مفصّل ثم يمضي بسرعة ولا يعد له أثر في اﻷحداث.
غريب ظننت أنني تركت تعليقًا هنا. أحب روايات أحمد خالد توفيق رحمه الله، لكن الأعمال المأخوذة عنها .. لدي مشكلة مع الأعمال المأخوذة عن كتب بشكل عام ..
لم تنشر شيئًا منذ مطلع العام، لعلك بخير؟
المشكلة برأيي إضافة صنّاع العمل لتجويدات للنص من عندهم ولو تركوه كما هو واهتموا بالجانب البصري واﻷداء لكان اﻷمر رائعاً
أنا بخير الحمد لله ولكني أقوم بجردة لوقتي وأعيد توزيعه وفق المهام المختلفة .. هناك أمور أخرى سأتكلم عنها في حينها إن شاء الله .. سأحاول اليوم نشر تدوينة إن شاء الله .. أشكرك جداً على سؤالك 🙂