
مرحبا بك يا صديقي ..
أشهر عديدة مرت منذ آخر تدوينة لي .. انقطعت سابقاً عن التدوين عدة مرات منذ أن بدأته في يوم ما خلال السنوات المبكرة للألفية الحالية المتخمة بالأحداث والمفاجئات التي لا يمكن أن يوصف أكثرها بالسار أو الجيد.
أعود الآن وأنفض الغبار المتراكم في أرجاء المدونة .. كان هناك غبار فعلاً يتمثل في أكثر من مئة وعشرين تعليق سبام قضيت بعض الوقت في نظرة سريعة عليهم حتى لا يضيع تعليق حقيقي بينهم .. وأصبحت الأمور على ما يرام بعدها.
انقطاعي هذه المرة كان لأسباب معينة متعلقة بما أخبرتك به سابقاً عن خسارتي لعملي خلال فترة ما بعد سقوط نظام الأسد.
عملت خلال السنوات الماضية في مجال المنظمات الإنسانية السورية التي كانت متواجدة بشكل كبير في تركيا .. كسوري لديك خيارات محددة بالنسبة لسوق العمل في تركيا أيسرها أن تكون صاحب مهنة لتدخل مباشرة في السوق .. أو تكون صاحب مال فتدخل أيضاً مباشرة في السوق .. المال مرحب به في كل مكان كما تعلم.
لكن .. لو كنت من أصحاب الشهادات الجامعية بمختلف أنواعها هنا أمامك خياران .. إما أن يتاح لك الدخول بطريقة ما الى مجال العمل الإنساني .. أو أن تحمل شنطتك وتسافر بطريقة ما أخرى الى أوروبا أو أي مكان آخر مشابه.
والحقيقة أن هذا الخيار كان ملجأ للكثيرين بمختلف ظروفهم ومهنهم .. الهرب بعيداً لمكان بشروط أفضل .. وأنا لم أذهب وراء هذا الخيار برغم أن الفرصة كانت متاحة لفترة لا بأس بها لسبب بسيط وهو أنني أريد أن أستقر كوني أحمل جنسية البلد الذي أسكن فيها ولا أريد أن أعيش أنا وعائلتي في شتات سيتأثر به الأبناء بشدة قبل الآباء.
عندما تغيرت الأمور بسوريا بهذا الشكل الدراماتيكي المبشر .. على الأقل تخلصنا من رؤوس السفاحين والقراصنة .. هنا حدثت تغييرات أثرت وستؤثر على جميع السوريين بالمطلق وأنا واحد منهم بالنتيجة.
خلاصة الكلام .. انتقلت المنظمات الانسانية الى داخل سوريا وفقدت عملي ولم يكن خيار العودة الى سوريا حالياً هو خيار قابل للسير ورائه بالنسبة لي ولنفس الأسباب التي ذكرت .. عدم الاستقرار هناك ونقص الخدمات وكون ابنتاي تدرسان هنا في تركيا حيث أنه من الصعب جداً الانتقال من لغة الى لغة أخرى كما تعلم.
هكذا كان لدي خيار واحد .. تغيير مسار العمل باختصاص جديد .. تحليل البيانات … الواقع أنني كنت بدأت فعلاً بذلك قبل أن يجري ما جرى بحوالي الستة أشهر .. وتابعت ذلك خلال الأشهر المنصرمة.
والحقيقة أن الأمر لم يكن هيناً .. هناك من يتصور أن دخول المجال التقني أمر كشربة الماء وأعتقد أن كثرة الفيديوهات التي تبشر الناس بالأماني والسمن والعسل قد رسخ لدى الكثيرين هذا الاعتقاد.
أما الواقع فيخبرك أنك بحاجة لتفرغ كامل ولمذاكرة … الكثير منها .. وللانتقال الى مراحل والمرور على أكوام من المفاهيم والكثير من التمرين والتمرين … والتمرين حتى تصل لوضع مرضي.
من الأمور التي ساعدتني هي تعلمي السابق لبرمجة الويب الأمامية … الفرونت إند .. هذا سهل لي المرور على بايثون والانتقال الى مكتباته التي تخص تحليل البيانات ومن ثم استكمال باقي المهارات اللازمة بهذا الصدد.
هل قلت استكمال !؟ .. الواقع أن الكلمة هنا ليست دقيقة .. أتكلم تحديداً عن المفاهيم اللازمة لأستطيع العمل بهذا الاختصاص لكن رحلة التعليم في المجال التقني لا تنتهي أبداً .. هناك حرفياً أمور جديدة كلما انقضت عدة سنوات .. ومنذ بداية تعرفي على التقنية في منتصف التسعينات وحتى الآن تغيرت أمور كثيرة بشكل جذري عدة مرات .. ليست كلها إيجابية.
والنتيجة أنني والحمد لله وصلت الى مستوى مرضي أستطيع فيه أن أدخل سوق العمل .. قمت بصنع عدة مشاريع تحليل بيانات عن طريق بايثون ووضعتها على github وصنعت عدة لوحات معلومات عن طريق PowerBI هذه واحدة منها .. والآن أنا في مرحلة التقديم والبحث عن عمل.
تمنى لي من الله التوفيق لو سمحت .. هذه مرحلة دقيقة بالنسبة لي وأرجو من الله أن تمضي على خير.
هذه تدوينة سريعة من موضوع واحد .. سأعمل جهدي لأن أعود للتدوين .. الكلام مريح بكافة أنواعه .. صوتاً وكتابة.
سعدت بزيارتك والحديث معك .. الى لقاء آخر.
مرحى، من الجميل رؤية تدويناتك مجددًا بعد غياب.
تابعت تغير النظام في سورية نهاية العام الماضي، ومطلع العام الحالي. ولم أعلق أو أدون، لأنه شأن داخلي، سوري بحت. لا شأن لي به. لكن أنتظر تعليقات المدونين السوريين، وآرائهم، لتكوين صورة واقعية عن الحال.
أتمنى من الله أن يكون الوضع في سوريا الحبيبة أفضل، وأن تتحسن الأحوال المعيشية للناس هناك.
بالنسبة لتغيير التخصص، وتحليل البيانات، والمنظمات، فالحال من بعضه عزيزي، باختلاف المسميات والتفاصيل. الصورة العامة واحدة.
أرجو منك أن تستمر في التدوين، ولو مرة واحدة في الشهر.
مع خالص التحيات
أمين يارب لنا ولكم إن شاء الله .. الوضع في سوريا هو أفضل مما يظهر على مواقع التواصل وأسوء مما نأمل لها من تعافي.
ونعم الصورة واحدة .. أرجو لي ولكم التوفيق وشكراً تعليقك وكلماتك الطيبة أخي معاذ.
إشتقنا لتدويناتك، الخيرة في ما إختاره الله، إن شاء الله تجد عملا في القطاع التقني.
وأنا أيضاً اشتقت لتعليقاتكم 🙂
أمين يارب أرجو ذلك حقاً
مرحبا بعودتك يا صديق، التغيير صعب معظم الأحيان، ولكنك “قدها وقدود”.
شكراً لتشجيعك عزيزي فرزت وآمل فعلاً أن أكون قدها وقدود وإلا ستكون مشكلة 🙂