الصورة من تأليفي بواسطة Adobe Express

مرحبا بك يا صديقي.

الحر في إزدياد وأنا قابع في الصالة وأصوات أعمال الصيانة تتعالى كل فترة وأخرى من حولي … البيت بحاجة لبعض الاصلاحات ولم أعد أستطيع تأخير ذلك أكثر …

الستائر المسدلة والبرودة الخافتة الآتية من المكيف يحولان اللهيب المشتعل في الخارج الى افتراض مبهم قابل للاختبار بقسوة في تلك اللحظة التي تضطر فيها للخروج … افتراض لن تتمنى أبداً اكتشاف مدى مصداقيته.

عضلات يداي تؤلمني من جراء حمل بعض الأغراض الثقيلة لبضعة ساعات منذ يومين .. كنت أعتقد أنني أستطيع .. كما كنت منذ سنوات .. تحملّ الجهد البدني لفترات طويلة ولكن يبدو أن التقدم بالعمر لا يستثني أحد من قوانينه.

حر شديد وتعب لا يقل عنه .. الوقت وقت الاسترخاء بامتياز.

أربعة أحدهم حسن عز الرجال

بالنسبة لي كان الشيء الوحيد الذي نجحت فيه الأفلام العربية الحديثة أنها جعلتني أحب أكثر مشاهدة الأفلام العربية القديمة سواء كانت بالأبيض والأسود أو بالألوان شبه الطبيعية.

السبب أن أغلب الأفلام الحديثة .. الأغلبية الساحقة بالتحديد .. ذات طابع تجاري بحت، لن أتكلم عن التفاهة وانعدام القيم والرسائل الأخلاقية والاستفزازات لمشاعر الناس ومبادئهم ودينهم .. سأذكرها فقط.

الأفلام العربية القديمة لها سحر خاص .. ليس جميعها بالطبع … هناك الكثير منها زاده التقدم في العمر جمالاً وأنا أعتقد أن السبب يعود الى أن صانعي تلك الأعمال كانوا يحبون ما يفعلونه من كل قلبهم وكانوا يريدون تقديمه للناس لذلك نجحوا رغم ضعف الإمكانيات التقنية مقارنة بالسينما الغربية.

منذ عدة أيام ذكر ثمود في نشرته البريدية النشرة أنه شاهد فيلم الكيف وأعجبته حواراته .. وأنا وضعت الفيلم في قائمة ما أرغب بمشاهدته وهي .. ولله الحمد .. قصيرة.

لكنني بدأت قبله بفيلم كتيبة الاعدام وهو واحد من الأفلام التي أحب مشاهدتها كل فترة وأخرى ولا أمل منها.

وللمصادفة شاهدت الفيلم في يوم ذكرى وفاة الفنان نور الشريف رحمه الله .. الممثل العبقري صاحب الأعمال والشخصيات التي لا تنسى ومنها شخصية حسن عزّ الرجال البطل الرئيسي في فيلم كتيبة الاعدام.

لن أحرق لك أحداثه لكنه يتحدث عن مجرم فوق العادة وأربعة أشخاص جمعتهم الأحداث للبحث عنه .. أربعة شكّلوا كتيبة إعدام وقاموا بما يجب أن يُفعل في الوقت المناسب .. وما أكثر المواقف المشابهة التي تحتاج الى أربعة مثلهم .

مذكرات ضائعة

كان عندي ثلاثة أخوال ولم يبق لي اليوم إلا واحد منهم.

أصغرهم قتلته النسخة القديمة من النظام السوري أيام الثمانينات … شاب لم يتجاوز العشرين يركب في باص نقل عام كان ذنب ركابه أنه مرَّ في شارع ما أثناء محاولة اغتيال أحد الضباط فرد حرسه باطلاق النار على كل من كان في الشارع وكان لباص النقل العام النصيب الأكبر .. نقل خالي الى المستشفى وتوفي بعد أيام قليلة .. حدث هذا قبل سنوات من ولادتي.

أكبرهم كان يؤدي خدمة الجيش وكان حظه أنه من الجنود الذين قاتلوا في حرب تشرين التي كانت من المفترض أن تكون تحريرية ولم يبق من تلك الصفة فعلياً سوى ذلك الهراء الذين كانوا يصدعون به رؤوسنا لسنوات طويلة.

كان الوقت وقت حرب لذلك بقي خالي في الجيش لأكثر من أربع سنوات قبل أن تنتهي خدمته .. والذي حصل بعدها أنهم بدؤوا في استدعائه للاحتياط في كل مرة تطلق رصاصة على الجبهة بسبب اختصاصه. هكذا لم يبق له سوى الفرار فذهب الى تركيا أولاً حيث كانت أوضاعها السياسية غير مستقرة في ذلك الوقت لذلك تابع طريقه نحو ألمانيا وعاش فيها نحو ثلاثين سنة ليتقاعد ويعود بعدها لسوريا بعد أن تأكد أن اسمه غير موجود في قوائم المطلوبين.

وبعد أن بدأت الثورة السورية بسنة وأصبح مكان سكنه غير آمن سافر الى تركيا وبقي هناك .. للدقة هنا وليس هناك .. حتى توفي بسبب جلطة قلبية .. كان رحمه الله يدخن ويشرب الكولا بشراهة حتى انهارت كليتاه وتبعها قلبه.

حصل هذا منذ نحو ست سنوات .. وأنا بدأت منذ فترة قريبة أشعر بتحسر على أنني لم أطلب منه أن يسرد لي ذكرياته هناك في ألمانيا التي وصل اليها .. للطرف الغربي تحديداً .. وهي مازالت مقسمة لشرقية وغربية وعاصر بعدها انهيار جدار برلين وما تبعه من تغيرات اجتماعية وسياسية حصلت للقسمين سوية .. القسمين اللذان لم يعودا يشبها بعضهما البعض.

كمّ أحداث كبير وشخصيات وذكريات غير عادية لمغترب يعيش في بلد يمر بمراحل حاسمة في تاريخه.

كان خالي صموتاً ولا يحب التحدث إلا نادراً .. يقضي أغلب وقته في غرفته ولا يحب الزحام .. أسباب كهذه منعتني من الاقتراب منه أكثر .. ولكنني أيضاً ألوم نفسي على عدم امتلاكي وقتها لقدر كاف من الوعي لكي أدرك أهمية ما تحمله خلاياه الرمادية.

لذلك يا صديقي إن كان لك قريب أو ما شابه خاض تجارب غير اعتيادية خلال حياته فأنا أنصحك أن لا تفوت هذا كما فعلت أنا .. حاول اقناعه بأن يقصّ عليك ذكرياته ودوّنها ولو نشرتها .. بعد طلب اذنه طبعاً .. ستكون قد أديت خدمة عظيمة للتاريخ الشعبي التي تكتب أحداثه من خلال حكايا الناس.

التاريخ الحقيقي بكل بهائه وصِدقه.

ديستوفسكي وفرانكشتين

بدأت هذه الأيام في قراءة كتابين.

الأول رواية الجريمة والعقاب للكاتب الروسي الكبير فيدور ديستوفسكي .. كانت تقبع منتظرة في مكتبتي منذ فترة لا بأس بها ورأيت أن الوقت قد حان للبدء بها .. والحقيقة أنني وقعت بغرامها من أول صفحة … الحكايات التي تثير الغصة ليست شيئاً مبهجاً بالتأكيد ولكن سحر كتابتها جعلني أنغمس من رأسي حتى قدميّ فيها.

الكتاب الثاني هو حياة الكتب السرية: ليلة قرأ فرانكشتاين دون كيخوت وهو مجموعة مقالات مسلية عن أحداث وافتراضات تاريخية مرتبطة بشكل أو بآخر بالكتب .. أحب هذا النوع من الكتب وأبحث عنها باستمرار وأتعامل معها وكأنها علبة شوكولاته تحوي أنواع مختلفة منها .. الحلو والمُر واللاذع ولكنها بالمجمل لذيذة وتستحق التذوق لذلك أخذ في كل مرة حبة واحدة لأعود وأغلق الصندوق بانتظار المرة القادمة.

صندوق تينيوس .. الجزء الثاني

أخيراً هذا اعلان ترويجي قمت به على قناة نوفاليستا تركس للجزء الثاني من صندوق تينيوس .. معذرة إن كان أدائي لم يعجبك فأنا لست مدرباً للظهور أمام كاميرا .. ما أردت قوله أن صندوق تينيوس لها جزء ثاني سيقدم قريباً بأسلوب مختلف وسأكون ممتناً لو أردت الاستماع له ومن ثم أعجبك.