بدأت متابعة ما يكتبه بلال فضل منذ سنوات طويلة .. أعتقد أن سبعة عشر عاماً على الأقل هي سنوات طويلة.
لا أتذكر كيف بدأت تلك المتابعة .. لكن على الغالب بمقال ما أعجبتني بدايته وقرأت بعدها اسم الكاتب الذي أصبح مألوفاً بعد عدة قراءات.
أعتقد أن هذا قد بدأ في موقع جريدة الدستور الذي كنت أتابعه بشكل شبه يومي الى أن جاء ذلك اليوم الذي أزاحوا فيه ابراهيم عيسى واستبدلوه بالسيد البدوي .. ووضعت آلاف من حسابات تويتر وقتها صورة ابراهيم عيسى كنوع من التضامن والاحتجاج وأنا كنت ضمنهم .. لا تنسى أن ابراهيم عيسى وقتها لم يظهر كابراهيم عيسى الحالي.
وبعد سنوات .. تحديداً بعد انتقالي للحياة في تركيا .. كان الاستماع الى سلاسل مقالاته .. إنهم يكتبونني .. قصص نحيلة .. على تطبيق إقرألي واحدة من عاداتي اليومية الثابتة .. بدأت أثناء ذلك بقراءة كتبه بداية بالسكان الأصليين بمصر وحتى الآن كلما صدر كتاب جديد له وأنا ممتن لأنه يوفرها دائماً على تطبيق أبجد
بلال فضل هو من ذلك النوع من الكتّاب الذي عاصر الأجيال القديمة وأخذ منها ما أخذ واستطاع تشكيل شخصيته الأدبية بالطريقة السليمة .. الطبخ على نار هادئة مشتعلة بالكاد.
كاتب أثبت نفسه بالطريقة الصعبة .. لا أقارب مشهورين له يعملون في المهنة .. ولا مُعيل ثري يوفر له تلك الأشياء التي تجعل من الانسان كاتباً بالضرورة بغض النظر عن جودة ما يكتبه .. بمعنى أنه صنع فرصته بنفسه وبالعرق والدموع.
وحتى لا تعتبر أن هذه تدوينة مديح .. هي ليست كذلك برغم إعجابي بكثير مما يكتبه .. إلا أنني لا أتفق مع العديد من آرائه سواء التي يكتبها في المقالات أو يقولها في المقابلات أو على قناته على يوتيوب .. وهذا أمر طبيعي جداً أو لنقل هو الطبيعي.
الكاتب هو انسان يكتب ليعبر عن رأيه وإذا وافقته على كل ما يقوله فهذا معناه أن ممرات عقلك مفتوحة على البحري من دون أي فلاتر .. عليك أن تستمع لاتجاهات شتى وليس لاتجاه واحد حتى تستطيع تكون تلك الفلاتر ولكي لا تكون منغلقاً ويُضحك عليك بسهولة .. الحقيقة ليست موجودة عند جهة بشرية واحدة .. الحقيقة موزعة على الجميع .. وعليك أن تملك عقلاً واعياً لكي ينقيها عن الشوائب .. شوائب كلمة لطيفة تعبر عن مادة عضوية تخرج من بعد أن تقوم الأمعاء بدورها 🙂
وطبعاً أنا أتكلم هنا عن غير المعصومين.
آخر كتاب قرأته له هو فندق الرجال المنسيين .. آخر اصداراته حتى الآن .. الكتاب عبارة عن مقالات وذكريات وآراء بعضها كُتب حديثاً وبعدها كان منشوراً في مكان ما .. تجميع المقالات المنشورة في الجرائد والمجلات أمر هام حتى لا تضيع تلك النصوص وينتهي أمرها والحقيقة أن دفتيّ الكتاب أقوى وأمتن عبر الزمن.
مواضيع مختلفة بعضها يثير الشجون كقصة ذلك الموظف المتقاعد ذو السلّم الطويل وذلك الحلم التي تجتمع فيه عدة مواقف متباعدة الأماكن متقاربة الحكايات لترسم صورة حزينة ممتدة حتى الآن .. ومنها مواضيع أخرى تحتاج لنفس طويل لقراءتها وهي تُؤرخ لأمور وقعت في مصر قبل 2011 وهي من الأهمية بحيث لا يجب أن تنسى حتى لا يُعاد .. كالعادة .. اختراع العجلة مرة أخرى.
عنوان الكتاب هو مقال يتحدث عن فندق رواده من الرجال .. نوع خاص من الرجال المنسيين .. هذا المقال ومقالات أخرى في الكتاب ستجعلك تدرك أن السنوات تمضي بسرعة وأن كاتباً كبلال فضل أصبح لديه ذكريات في بلاد الغربة يستطيع الانتقاء منها والحكاية عنها في كتبه … هذا أمر أشعر به أنا أيضاً بعد حوالي ثلاثة عشر سنة من الغربة طغت فيها ذكريات سنواتها على ذكريات تلك السنوات التي قضيتها في الوطن الآخر .. الوطن الضائع حالياً.
هل أنصحك بقراءته ؟ .. الواقع يا صديقي أن ما كتبته ليس مراجعة بالمعنى المفهوم .. هذا مزيج من الانطباعات والذكريات .. فإذا كنت تحب هذا النوع من الكتب فلا تتردد وإذا كنت تكرهها فلا تتردد أيضاً 🙂 .. يكفيك عندها ما قرأته هنا.
هذا يبدو جميلًا. أعرف من هو بالاسم لكنني لم أقرأ له شيئًا من قبل. شكرا لك على هذه التوطئة. وربما يجب أن تفعل شيئًا مشابهًا.
العفو .. شكراً لك أيضاً على وقتك وقراءتك .. نعم هناك أشياء من الجميل أن تجمع حتى لا تضيع عبر الشبكة لأن فرصة ضياعها هنا أكبر بكثير
لم أسمع بهذا الكاتب من قبل، رغم أنني دودة كتب. شكرا على اامقالة الرائعة. سأحاول معرفته أكثر.
العفو .. شكراً على وقتك وكلماتك الطيبة