قرأت البارحة تدوينة الأستاذ عبد الله المهيري .. التدوينة تتحدث عن أمور عديدة هامة وتستحق التأمل .. أكثر ما لفت تفكيري فيها الحديث عن المشاريع المؤجلة التي نتركها للغد على أمل أن يأتي يوم ما لها.

والحقيقة التي نعرفها جميعاً ونتجاهلها باستمرار أن هذا اليوم غالباً لن يأتي .. نتكلم عن وجوب التمسك بالأمل بقدومه ولكننا نضحك على أنفسنا عندما نتحجج بالأمل والأمل بريء من هذا كله.

والحكاية كلها مجرد أماني بأن الظروف القادمة ستكون أفضل .. والذي يحدث أننا نرسم خيالاً ونعيش فيه مقنعين أنفسنا بأنها حقيقة والحقيقة الفعلية أننا ننتظر يوماً لن يأتي قط والسبب أننا وضعنا له شروطاً تعجيزية لدرجة بات البعد عنا .. بالنسبة له .. هو عين العقل.

تكلم عبد الله المهيري عن تلك الأدراج التي نملئها بأمور سنفعلها في المستقبل .. وأنا لدي درجي الخاص أيضاً وهو ليس درجاً بالمعنى المفهوم من تلك المكونة من قطع خشب ومقبض وسكك لتمشي عليها أثناء فتحها وأغلاقها.

الدرج الذي أعنيه موجود في عقلي مع بضع كلمات أكتبها باستمرار في مكان ما كنوع من الدليل عن محتويات ذلك الدرج .. تلك القصص والمقالات التي أنوي كتابتها في المستقبل عندما تواتيني الظروف لكي أصبح كاتباً لديه كتب في تطبع في المطابع وتباع في المكتبات.

هذا هو الخيال الذي رسمته والواقع مختلف لأني لم أسر في الطريق الذي قد يوصلني لهذا الهدف من حيث التفرغ والسعي وتحمل انقضاء سنوات طويلة غالباً لن تكون الحياة فيها أفضل شيء .. الطريق الغير مضمون أصلاً.

والحقيقة أنه ليس الطريق الوحيد والمشكلة أنني كنت أفكر بطريقة متصلبة جداً بهذا الصدد والسبب أنني أعتبر أن ما يحفظُ الكتابة هو دفتيّ الكتاب وليس دفتيّ موقع أو مدونة تشعر أنهم فيها كأنهم قطع ملابس منشورة في مهب الريح.

ولكن النتيجة الوحيدة لهذا التفكير هو أن يبقى الدرج مغلقاً وغالباً الى الأبد لأن الموت قادم لا محالة الآن أو فيما بعد … واحتمالات الموت أكثر من احتمالات الحياة هذه الأيام وفي غيرها .. المسببات متنوعة والنتيجة واحدة وإرادة الله سبحانه فوق كل شيء.

لذلك كان لا بد من فتح الدرج المغلق وعدم تأجيل أي شيء .. لا أزعم أني أملك تلك الأشياء المبهرة التي تستحق أن تؤجل الى وقت ما ملائم وأنا لا أصلح .. من باب انعدام الحياد .. أن أكون مُقيماً لما أكتب وسأكتب .. ولكني بكل الأحوال لن أخسر أي شيء.

لو كان ما سأكتبه جيداً أكون قد حققت ما كنت أرغب به طوال عمري .. ولو كان سيئاً فلا يهمني .. مادام قلبي بالنشوة ارتوى.