مرحباً بك يا صديقي …
أكتب لك وأنا أشعر بشيء من البرد .. جهاز التدفئة وتسخين المياه تعطل فجأة وتوقف عن العمل ..
كان عنده الصيف كله ولكنه فعلها في الشتاء !!.
اتصلنا بالصيانة منذ يومين ووعدونا بالقدوم خلال يوم البارحة إن توفر لديهم الوقت ولم يحدث ذلك.
المشكلة أننا في أيام العطلة الاسبوعية لذلك علينا الانتظار حتى الغد وعليّ أن أقبع في البيت لأنتظر فريق الصيانة الذي سيأتي في وقت لن يكون معلوماً إلا قبل أقل من ساعة.
الطقس ليس بارداً جداً ولكن هذا قد يحدث في أي لحظة مع موجات البرد التي تأتي من دون سابق إنذار.
وحتى وقت اصلاح جهاز التدفئة السعيد .. الوقت وليس الجهاز .. سيكون الأمر بحاجة الى الأغطية والمشروبات الساخنة.
مرحباً بك مرة أخرى
البيوت التي كانت
تأخذ بيوتنا سماتنا وطوابعنا الشخصية .. أذواقنا في اختيار الأثاث وفي الترتيب وفي وضع الأغراض في أماكن معينة بكيفية تبدو عجيبة وغريبة أحياناً .. وحمقاء في أحيان أخرى.
وهي لا توفر حتى ذلك المزيج من روائحنا .. المزيج الفريد الذي لا تجده إلا في بيت بعينه وقد يكون محبب أو منفر لك .. قد يذكرك بأشياء أو شخصيات معينة أو قد يعطيك شعوراً غامضاً من الكراهية أو الألفة.
البيوت هي ملخص واف لساكنيها.
لكن .. ماذا سيحصل لكل هذا عندما يغادر الساكنون بيوتهم بغير رجعة كأن يبيعوها مثلاً أو يجبرون على مغادرتها ليسكنها غيرهم !؟ .. حدث هذا كثيراً ومازال يحدث باستمرار خصوصاً في منطقتنا العربية البائسة.
تخيل أن تعود لتزور بيتاً سبق لك السكنى فيها لسنوات .. فماذا تتوقع أن يحدث !؟
الحقيقة أن الموضوع يحتوي كميات كبيرة من الأشجان.
أنت جالس في غرفة الضيوف ضمن البيت الذي حوى طفولتك.
أنت مجبر على التصرف كضيف لذلك لم تعد تستطيع التجول خلاله كما كنت تفعل ذلك .. بأريحية .. في وقت سابق.
هناك العديد من الجالسين حولك الذين يتبادلون معك الأحاديث والنظرات .. وأنت تريد أن تبقى وحيداً لأكبر فترة ممكنة.
الذكريات تعصف بك بلا رحمة ولا تترك لك مجال للتفكير ناهيك عن التركيز والكلام.
ذكريات …. أكوام منها وأمور منسية أعلنت عن نفسها بعد أن كانت مختبئة في إحدى الزوايا المجهولة في عقلك.
خيالات لأناس حاضرين أو بعيدين أو لم يعودوا موجودين.
أنت لم تعد أنت الذي دخل لذلك البيت .. النسخ القديمة منك عادت للحياة فجأة .. طفولتك وشبابك المبكر والمتأخر أخذت استقلالها بشكل فعلي وصارت تمارس حقها في الشعور والتذكر والانفعال وفي البحث عن تلك الموجودات القديمة التي لم تعد موجودة إلا في نفسك.
وحتى لو كانت موجودة فهي لم تعد تنتمي لتراثك الشخصي بعد أن شوهتها أيادي أخرى غريبة.
ستغادر المنزل في وقت ما وسيبقى طوفان الأفكار يهيم في عقلك لمدة قبل أن تعود كل تلك النسخ القديمة الى مكامنها لتنسى كل شيء وتنهمك في الحياة مرة أخرى.
وبكل الأحوال .. وفي حال زرت إحدى بيوتك القديمة أو لم تزرها فالذكريات العابرة كفيلة بأن تملأ عقلك بتساؤلات محبطة وبمشاعر تطغى على قلبك لتجعلك تغوص في ماضيك الشخصي لبرهة قبل أن يختفي كل ذلك ليسود الصمت.
تدوينة جميلة، خاصة فقرة البيوت التي كانت. سرحت بي إلى بعيد.
شكرا لك
العفو .. أهلاً بك في كل وقت 🙂
ذكريات البيوت والمناطق التي سكنا فيها أو زرناها… أتذكر بيت مكثنا فيه 10 أيام في أول سفر لنا مع أبنائي لمدينة بورتسودان. عدت لنفس الحي بعد عام مع زملائنا، ذهبت لأرى ذلك البيت من الخارج حيث أن العشر أيام كافية لتجعل منه ذكرى لا تُنسى. فما بالك بالبيوت التي مكثنا فيها أكثر من عام
نعم هو ما تقول أخي معتز .. كان لي تجربة مماثلة بخصوص البيت الذي مكثنا فيه خلال فترة الزلزال .. عندما زرت أبواي خلال عطلة عيد الأضحى مررت من أمامه أكثر من مرة وتذكرت .. البيوت الأخرى بالنسبة لي بعيدة متعذرة الوصول .. رزقنا الله وإياكم الخير والاستقرار.